إعلان

التاريخ يعيد نفسه بعد تسعة قرون: "الحرق يكرس الفكر لا ينفيه"

07:48 م الجمعة 17 أبريل 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تقرير- ياسمين محمد:

"الأفكار ليها أجنحة محدش يقدر يمنعها توصل للناس"، تلك العبارة وضعها المخرج الراحل يوسف شاهين نهاية لفيلمه "المصير" الذي يحكي قصة حياة العالم ابن رشد قاضي الأندلس، في القرن الثاني عشر الميلادي، حيث تم حرق كتبه باعتبارها تحرض على "الزندقة"، لتظلم الأندلس بعد ذلك، وتستضيء أوروبا بنور العلم حينما وصلتها نسخ من هذه الكتب في العديد مجالات مثل  الطب والفلسفة.

لم يتخيل أحد أن يتكرر المشهد مرة أخرى بعد مرور تسعة قرون، بعد أن خطى العالم خطوة واسعة نحو إدراك أهمية العلم، وحرية الفكر والتعبير، إلا أنه يبدو أن هناك عقولا لا تزال لم تع أهمية "الكتاب" على اختلاف الأفكار التي يحويها، ولا تمتلك من العلم والحكمة لتواجه الفكر بالفكر، وتحمي التراث الإنساني من التطرف.

ففي مشهد احتفالي قامت الدكتورة بثينة كشك مديرة مديرية التربية والتعليم بمحافظة الجيزة، وعبد الله عراقي المدير التنفيذي لمجموعة مدارس فضل الحديثة، بحرق عشرات الكتب في فناء المدرسة، رافعين أعلام مصر، معتبرين ما قاموا به "عملاً وطنياً يستوجب الإشادة، فقد حموا ومصر وعقول الطلاب من كتب تحرض على العنف والإرهاب".

"ترسيخ للفكر الداعشي"

يقول الدكتور محمود خليل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن ما قامت به كشك "سلوك متخلف ينم عن حال متردِ وصلت إليه وزارة التربية والتعليم ومزايدة وطنية ساذجة".

وأضاف خليل في تصريحات لمصراوي أن "هناك من يريد المتاجرة بالوقوف ضد الفكر المتطرف ليغازل السلطة السياسية".

ولفت إلى أن النظام السياسي والمصريين ليسوا ضد الإسلام ليسعى البعض لإرضاءه بهذا السلوك.

وقال "إن من قام بهذا الفعل الهمجي القبيح لم يقرأ تلك الكتب، فمثلا كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للدكتور علي عبد الرازق، يحوي الكثير من الأفكار التحررية ويناقش الخلافة الإسلامية بشئ فيه تصحيحاً للفكر".

وشبه خليل ما جرى بأنه "سلوك داعشي حينما قرر التنظيم هدم التماثيل لأنها أوثان، على الرغم أنها لا تعبد".

وأوضح خليل أن "الكتاب وُجد ليقرأ، لا ليحرق، أياً كان نوعه".

وطالب السيسي الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإعلان عن موقف رافض أمام الجميع، فمثل تلك التصرفات المرفوضة، حتى لا يسرف البعض مثل تلك المزايدات الوطنية الرخيصة.

"الحرق يكرس الفكرة"

من ناحيته، قال الدكتور محمد عبد العاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر، أن مديرة المديرية وهي تحاول القضاء على الأفكار التي تحويها الكتب، كرست لها دون أن تدري، فجعلت الناس يلتفتون إلى عناوين الكتب ليطلعون عليها، وبالتالي قامت بعملية ترويج للأفكار التي ترفضها.

وأضاف عبد العاطي "ما سمعنا قط أن الفكر يحارب بالحرق، فالحرق يكرس الفكر ولا ينفيه".

واستنكر أن يتم اتخاذ قرار حرق الكتب دون الرجوع إلى الأزهر وتشكيل لجنة علمية متخصصة لفحص الكتب ووضع تقرير مفصل عما تحويه ثم تقرر الدولة ماذا تفعل بالكتب.

وشدد أن اللجنة الإدارية التي شكلتها مديرة المديرية لجرد مكتبة المدرسة، لا تغني أبداً عن اللجنة العلمية المتخصصة التابعة للأزهر باعتبار أن معظم الكتب التي تم حرقها "دينية".

وتابع "من قام بهذا الفعل يدعي التنوير والتقدم والعقلانية، في حين أنه قام بتصرف متطرف لا يدل إلا على فساد القلوب والضمائر ولا يقل جرماً عما يفعل الإرهابيون الذين يتبنون العنف ويعتبرونه ديناً لهم".

ولفت إلى أن هذه الواقعة سيكون لها رد فعل خطير، في خلق الفتنة وإتاحة مبرر لكل دعاة العنف لأن يتطرفوا.  

"أزمة المدرسة"

تواصلت إحدى أولياء الأمور بمدرسة فضل الحديثة، مع مصراوي، وأكدت أن الواقعة لا علاقة لها بوجود كتب تحرض على العنف بمكتبة المدرسة، خاصة وأن التقرير قبل الأخير لجرد مكتبة المدرسة والذي تم في 22 مارس الماضي، أكد أنه تم تشكيل لجنة لفحص كتب المكتبة وتم التأكد من خلوها من أية كتب تحث على التطرف والتعصب الديني أو نبذ الآخر، أو أي كتب مخالفة تاريخياً أو جغرافياً أو ألفاظ خارجة فكرياً أو سياسياً أو أديبا.

وأوضحت أن تقرير اللجنة حمل توقيع عبد الله عراقي المدير التنفيذي لمدرسة فضل، الذي شهد على واقعة حرق الكتب بعدها بنحو أسبوعين، بعد صدور تقرير لجنة جرد أخرى بتاريخ 29 مارس باحتواء المكتبة على بعض غير المطابقة للمواصفات!.

وأضافت ولية الأمر أن الهدف من حرق الكتب، تشويه سمعة المدرسة، التي حصلت على حكم من القضاء الإداري، في مارس الماضي، ببطلان التحفظ عليها من جانب وزارة التربية والتعليم، بعد أن وضعتها الوزارة في مارس 2014،  تحت الإشراف المالي والإداري وعينت لها المدير التنفيذي عبد الله عراقي، باعتبارها إحدى مدارس جماعة الإخوان المسلمين.

وزودت السيدة مصراوي بعدد من الصور التي توضح قيام الطلاب برفع العلم المصري في عدد من حفلات المدرسة، لتنفي ادعاءات الدكتورة بثينة كشك مديرة مديرية التربية والتعليم بالجيزة بأن طلاب المدرسة لا يرفعون العلم المصري ولا يرددون النشيد الوطني.

معظم الكتب التي تم حرقها، من مؤلفات الدكتور على القاضي، في حين أن وزارة التربية والتعليم – وفقاً لبيان أرفقه ملاك مدرسة فضل- صرحت بتواجد عدد من مؤلفاته بمكتبة المدرسة.

يذكر أن الدكتورة بثينة كشك مديرة مديرية التربية والتعليم بالجيزة، كانت قد صرحت لمصراوي، بأن الكتب التي تم حرقها ضد الإسلام، وتحرض على العنف والإرهاب، مشيرة أن أن هذه الكتب يحتوي غلافها عنوان واسم مؤلف معروفين، في حين تحتوي من الداخل على أوراق تحث على العنف والإرهاب.

وأشارت إلى أن مجموعة مدارس فضل تحت التحفظ المالي والإداري للوزارة، لأنها ملك أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

وأكدت كشك أن وزارة التربية والتعليم صرحت بتواجد قائمة محددة بالكتب التي توجد بمكتبات المدارس، مشيرة إلى أنها أرسلت بياناً بها لوزارة التربية والتعليم، ولم تقدم على خطوة الحرق إلا بعد أن أخذت موافقة الجهات الأمنية.

وكان الدكتور محب الرافعي وزير التربية والتعليم، قد أكد رفضه لطريقة الحرق لاستبعاد الكتب الموجودة بالمكتبة، واتخذ قرار بتحويل كافة المسؤولين عن واقعة حرق الكتب داخل فناء المدرسة وأثناء فترة "الفسحة" إلى التحقيق.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج