إعلان

قنابل موقوتة ..آلاف الأطفال المغتصبين في شوارع مصر( تحقيق)

01:27 م الإثنين 23 فبراير 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تحقيق- محمد أبو ليلة:

أطفال في عمر الزهور، ملامحهم كادت أن تختفى من هول التجارب القاسية التي مروا بها في الشوارع، بعضهم وجد من الشارع سبيله الوحيد للحرية دون قيود تحكمه من ظلم أبويه، وتعذيبهم له، والبعض الأخر ولد في الشارع، ولم يجد لنفسه مأوي غير الميادين العامة، وتحت الكباري.

لكن علامات العنف والقسوة تبدو واضحة على وجوههم وأجسادهم النحيلة، فالتجارب التي مر بها هؤلاء الأطفال تكاد تنحصر بين الاغتصاب والتعذيب، بعض دور الرعاية المهتمة بالطفل استطاعت أن تحتضن جزء من هؤلاء الأطفال وتقدم لهم الرعاية، لكنه حتى الأن لا يزال جزء كبير من أطفال الشوارع يتعرضون للاغتصاب يوميا دون أن يهتم بهم أحد.

عدد أطفال الشوارع طبقا لإحصائية وزارة التضامن الاجتماعي تقدر بـ 17 ألف، لكن هناك دراسة حديثة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، تؤكد أن أعدادهم وصلت لـ 2مليون طفل شارع حتى الآن، جميعهم مر بتجارب قاسية كالاعتداء الجنسي والتعذيب.

وتقول عزيزة عمار، مسؤول إدارة التأهيل الاجتماعي، بوزارة التضامن الاجتماعي في تصريحات خاصة لمصراوي أن هناك 36 مركز إيواء لأطفال الشوارع تشرف عليه وزارة التضامن الاجتماعي بشكل رسمي، وأن هذه المراكز تستقبل الأطفال وتنظم لهم عدة جلسات علاجية.

في الوقت نفسه حصل ''مصراوي'' على بيان من المجلس القومي للطفولة والأمومة يتضمن مجموعة من البلاغات التي قدمت للمجلس على الخط الساخن ''نجدة الطفل''، هذا البيان أوضح أن هناك أكثر من 307 واقعة اغتصاب حدثت للأطفال خلال الأربع سنوات الماضية.

بعض هذه الحالات كان ضحيتها أكثر من طفلة، بخلاف وقائع العنف داخل مؤسسات الرعاية والتي أوضح البيان أنه من الصعب حصر حالات العنف التي مورست على الأطفال داخل دور الرعاية، لكن منظمة اليونسكو أصدرت بيان هي الأخرى في أواخر العام الماضي يؤكد أن هناك أكثر من 6520 طفل وطفلة ترددوا على أربع جمعيات فقط متخصصة في رعاية الطفل، وأن معظمة هؤلاء الأطفال تعرضوا للاغتصاب.

''للأسف هناك تضارب في الأرقام والإحصائيات، مفيش جهة في مصر ولا منظمة دفاع مدني تقدر تعمل رصد بعدد الأطفال اللذين تعرضوا لانتهاكات سواء كان اغتصاب أو اعتقال، لأن أعدادهم كبيرة جدا، حتى الأن لا يوجد نظام في مصر لإحصاء هذه الأعداد''.. هكذا يقول أحمد مصيلحي رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر بنقابة المحامين في تصريحات خاصة لمصراوي.

وتابع مصيلحي: حتى دور الرعاية الخاصة بالأطفال لا يستطيع أحد حصرها، المفروض أن هناك كيان في وزارة العدل يسمى الإدارة العامة لحماية الطفل، دوره أن يرصد ويقوم بعمل إحصاءات دورية عن الأطفال المعتقلين ومن تعرضوا للاغتصاب، لكنه لا يقوم بدروه، حتى المجلس القومي للأمومة والطفولة يعتمد على بلاغات فقط تأتي إليه حول انتهاكات يتعرض لها الأطفال، لكن هناك انتهاكات بالجملة لم يتم الإبلاغ عنها.

اغتصاب بالجملة

وطبقا لتقرير المجلس القومي للأمومة والطفولة والذي حصل مصراوي على نسخة منه، فإن الأطفال الإناث تصدروا عدد وقائع التحرش والاغتصاب بعدد 138 حالة بينما كانت حالات الذكور بعدد 68 حالة، حيث تصدر الأطفال من أربع إلى ست سنوات حالات الاغتصاب، وجاء بعدهم الأطفال من 10 سنوات وحتى 18 سنة، ووصل عد البلاغات المقدمة 29 بلاغ لحالات اغتصاب، كما أن هناك 20 حالة اغتصاب لأطفال أقل من ثلاث سنوات.

وتقول عزة عشماوي رئيس المجلس القومي للأمومة والطفولة، في تصريحات لمصراوي، أن حالات اغتصاب الأطفال خلال الفترة الماضية تزايدت بسبب الانفلات الأمني الموجود في البلاد، مؤكدة أن قضية التحرش والاغتصاب للأطفال لها أبعاد اقتصادية وثقافية واجتماعية، وتعرض الأطفال لحالات التحرش والاغتصاب يؤثر عليهم على المستوى السلوكي والنفسي، مؤكدة أن المجلس القومي للأمومة والطفولة لاحظ خلال الفترة الأخيرة مؤشر لوجود حالات من الشذوذ الجنسي والانهيار الأخلاقي بين الأطفال، حيث لم تعد الرغبة في الإشباع الجنسي هي الهدف لدى الجانى وإنما اصبح الجانى يبحث عن ضحية دون تمييز.

فهناك طفلة عمرها 14 عام من محافظة القاهرة، تقدم أحد أقاربها ببلاغ لمجلس الأمومة والطفولة، بسبب تعدي جيرانهم عليها وأمها بالضرب والتحرش الجنسي بها، لإجبارهن على ترك منزلهم، وجاء نص البلاغ الذي استقبله مجلس الأمومة والطفولة'' نرجو اتخاذ اللازم تجاه أحد الأشخاص وأولاده المقيمين بالعنوان المذكور حيث أنه قام بالتعدي بالضرب على الطفلة وأخوتها والأم وتحرش جنسياً بالطفلة والأم وذلك لإكراههم على ترك الدور المخصص لهم بالفيلا''.

حالة أخرى لطفلة عمرها 17 عام ، تشكو من اغتصاب والدها لها، وطالب البلاغ بالتدخل لإقناع الأم بترك الطفلة تعيش معها حيث أن الطفلة قامت بالشجار مع أحد الاخوة وقامت الأم بتهديدها بأخذها الى الأب لتعيش معه والطفلة تخشى أن تقوم الأم بتنفيذ تهديديها حيث أنها تقول أن الأب يتحرش بها جنسيا، قصة أخرى لطفلة عمرها 4 سنوات، تشكو من تحرش والدها بها، حيث يطلب البلاغ من المجلس القومي للأمومة والطفولة بالتدخل تجاه الأب الذى يقوم بالتحرش جنسياً بالطفلة ويصر على الاختلاء بالطفلة اثناء الرؤية علما بأن الام والأب منفصلين بالطلاق والأب يرى الطفلة بشكل ودى بدون حكم محكمة.

''الاغتصاب دائما يصل لعلاقة كاملة مع الطفل ويسبب أزمة نفسية تؤثر علية بشكل عام في حياته دراسته، ويتم التعامل مع تلك الحالات، وهناك أطفال يتعرضوا للاغتصاب ولا يتأثروا فطفل الشارع لا يتأثر مثلما طفل الأسرة، لأنه أعتاد التعرض للعلاقات الجنسية ولا يستوعب فكرة الحدود والخصوصية ولا ينكرها ويمارسه مع رفقاء الشارع، وذلك عكس الحال بالنسبة لطفل الاسرة''.. هكذا تقول سمية حسين مشرفة بإحدى دور رعاية الأطفال في تصريحات خاصة لمصراوي.

تعذيب

مؤسسة ''بنات الغد'' تعد أحدى دور الرعاية المشهرة من وزارة التضامن الاجتماعي، والتي من شأنها رعاية جزء من أطفال الشوارع، حيث يوجد بالمؤسسة ما لا يقل عن 160 طفل وطفلة أعمارهم لا تتجاوز الـ 15 عاما، أغلبهن هربن بعدما تعرضن لحوادث عنف جسدي وجنسي.

وتؤكد سمية حسين أحدى المشرفات بالمؤسسة، أن أغلب هؤلاء الأطفال يروا أن الشارع ''جنة'' لهم برغم كل ما تعرضوا له من قسوة، لأن الشارع يمثل لهم الحرية حيث جني المال وتناول المخدرات، وأن بعض هؤلاء الأطفال لم يستوعبوا ما حدث لهم من اغتصاب.

''جزء منهم يعتبر ذلك محاولة للحصول على الحماية والمال والأمان من قبل كبير المنطقة التي يعيشون بها، وبعضهم اعتادوا على تلك الاعتداءات، ويظلوا فترات طويلة حتى يحكوا ما حدث لهم ، ولكننا بالدار يكون لدينا وعي بمن تعرض للاغتصاب من طريقة التحدث والتحرك بالإضافة للخوف المتواصل وانعدام الثقة والكذب والتهرب من الحديث، وبعضن يرفضن الإدلاء بمعلومات عن أسرهن لأنهم يرفضوا العودة لهم مرة أخرى، وجميعهن يأتي بسلوكيات الشارع الكذب والسرقة واللامبالاة بالعنف والجريمة''.. هكذا تقول.

مصراوي قام بمعايشة مع عدد كبير من الأطفال المتواجدين في أحدى فروع مؤسسة بنات الغد بحي إمبابة، والذين تعرضوا لاعتداءات جسدية وتعذيب قبل مجيئهم للمؤسسة، من ضمنهم ''فاطمة'' تلك الطفلة التي لم تتجاوز الـ التاسعة من عمرها جسدها نحيل، وشعرها قصير، قالت لمصراوي أن والدتها هي من قامت بقص شعرها: ''أنا مش بسمع كلام أمي كتير، وهي بتضربني وقصت شعري، علشان مش بسمع كلامها''..هكذا تقول.

وتتابع الطفلة فاطمة أنها كانت تعيش مع والدتها ، ''احنا كنا بشحت في الشارع، أنا ببيع مناديل وماما بتبخر الناس وتاخد فلوس، بس أنا مكنتش بسمع كلامها، وبروح ألعب في الشارع كتير وأسيبها، أبويا رمانا في الشارع، وكنا بنام عالرصيف بالليل، وماما جابتني هنا علشان مش بسمع كلامها''.. هكذا تحكي.

طفلة أخرى عمرها 13 عام، تحكي أن والدها انفصل عن والدتها، وكانت تعيش مع زوجة أبيها، لكنها اعتادت ضربها، ''أبويا رفض يوديني لأمي، وعشت معاه هو ومراته الجديدة، كان بيضربني علشان مش بسمع كلامه، وكسر دراعي، هو بيشتغل في الزبالة وعاوزني أشتغل معاه وأنا برفض واهرب منه، بس هو بيضربني هو ومراته، وهو اللي جابني هنا''، وعلى الرغم من تعرضها للتحرش والإغتصاب أكثر من مرة، لكنها حسبما تؤكد مشرفة الدار تنكر تلك الواقعة وتخشى الحديث عن ذلك.

شاهد فيديو حوار مصراوي مع عدد من الأطفال المغتصبين 


الاغتصاب يولد رغبة جنسية للطفل

مؤسسة ''بنات الغد'' لديها عدد من الفروع في مدينة السادس من أكتوبر وامبابة ومصر القديمة، وهناك عدة مراحل لالتحاق طفل الشارع بالمؤسسة، ''جميع الفتيات يخضن لبرامج تأهيل في الدار للتمهيد لنقلهم إلى الدار الأساسية والإقامة الكاملة بها في مدينة 6 أكتوبر، وبالتالي الدار ما هي إلا مرحلة مؤقتة لعلاجهن من أخلاقيات الشارع لبدء حياة جديدة''.. هكذا تقول سمية حسين أحدى مشرفات دور الرعاية.

تبدأ المؤسسة بعمل دراسة حالة لكل طفل يت استقباله، وبها كافة المعلومات عن الطفل، بعدها يتم التعامل معه بمشاركته مع مجموعات من الأطفال في نفس السن، ويحتاج التأهيل لفترات طويلة تبدأ بالحديث مع الطفل والاستماع إلى قصته، وبعدها يتم دمجه وسط بقية الاطفال، لكن الأزمة الأساسية التي تواجه المشرفين في أي دار لرعاية الطفل، أن أي طفل تعرض للاغتصاب الجنسي، يتولد إليه رغبة كامنة في ممارسة الجنس بكثافة، ويتحول من مرحلة الكمون الجنسي إلى مرحلة الشعور الجنسي، ويمارس الجنس فى مرحلة المراهقة مع من يصغره في الشارع أو الاسرة.

كما أن المؤسسة تعقد عدة جلسات لتأهيل الأطفال اللذين تعرضوا للاغتصاب، حيث تتابع ''حسين'' لمصراوي : نحاول علاج الأطفال المغتصبون بعدة طرق تبدأ بالمشرفة فهي القدوة لهم، وبالنسبة لبرامج تأهيل الطفل لدينا فهي غير مخصصة لتأهيل الأطفال المغتصبين ولكنها برامج لجميع الأزمات والكوارث وهى تشمل العنف وموت الأهل والاغتصاب والتحرش، ويتم التوعية من خلال برامج الكارتون وتعريف المتحرش والتوعية بحدود الجسد بينى وبين الأخر والفرق بين اللمسة الطيبة واللمسة الخبيثة، لأنهم لديهم مستويات فى الشعور فهن فى الوعى لا يشعرن بالاغتصاب لأنه مقابل المال والمخدرات والحماية.

لكن في الوقت تشكو سمية حسين من غياب دور لجان الحماية فى إنقاذ الجيل الثالث من أطفال الشوارع، مؤكدة أن هناك حاله لطفل عمره سبعة أعوام تعرض لاغتصاب من قبل أمه وزوج أمه أيضا المقيمان فى الشارع، ورغم إقامته بالدار ، إلا ان القانون يعطي الحق لوالدته بالحصول على الطفل لفترة إجازة، وللأسف يعاودن اغتصابه، ولهذا نطالب بمنع الطفل من العودة إليهم ، لحمايته من أسرته وتفعيل بنود قانون الطفل.

لا يوجد تأهيل نفسي

على الرغم من أن المادة 80 من الدستور المصري الجديد تلزم الدولة بكل مؤسساتها بتوفير التأهيل النفسي والاجتماعي والتربوي للطفل المصري، باعتبار ذلك حق واجب من حقوقه تلتزم به الدولة، إلا أن الدكتور هاني هلال أمين عام الائتلاف المصري لحقوق الطفل، يؤكد أن مراكز الأيواء التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لا يوجد بها برامج لتأهيل الاطفال المغتصبين ولا يوجد مراكز مخصصة لرعايتهم، موضحا ان المتواجد فقط تأهيل تربوي واجتماعي، وحتى الأن لا يوجد داخل كليات الآداب أو التربية ما يتعلق بالتأهيل النفسي للأطفال أو تأهيل الخرجين للتعامل مع الأطفال ضحايا العنف بكل صور.

أمين عام الائتلاف المصري لحقوق الطفل أوضح لمصراوي أن الطب النفسي يعتبر تخصص خاص بسلوكيات الطفل بشكل عام، ولكن لا تتطرق للحالات التي تعرضت لعنف والخلل فى التركيبة النفسية للطفل بحاجة لجلسات تأهيلية وليس علاج نفسي، مدللا على أن مراكز وزارة التضامن والتي يتم فيها إيواء الاطفال الذين تعرضوا لعنف آسري بها العديد من الانتهاكات ومن ثم فهي طاردة للأطفال، وأغلب الاطفال يتركونها ويفروا للشارع.

وتتفق معه في هذا الرأي مسؤول إدارة التأهيل الاجتماعي بوزارة التضامن عزيزة عمار في تصريحها لمصراوي، أكدت أنه حتى الآن لا يوجد مركز خاص لإيواء الأطفال المغتصبين نفسيا، أو ما يسمي ببرامج تأهيل الأطفال المغتصبين بشكل خاص، وما يوجد هو 36 مركز إيواء لأطفال الشوارع ككل وليس المغتصبين فقط، موضحة أن هناك برامج اجتماعية لعلاج الأطفال الذين تعرضوا لعنف وكوارث، ويتم تطبيقها من خلال مشرفي الدار بكل مؤسسة أو مركز، ومعظمهم من خريجي أقسام علم الاجتماع بكليات التربية والآداب.

لكن الدكتورة عزة عشماوي، رئيس المجلس القومي للأمومة والطفولة، تقول أن المجلس جهة تنسيقية بين الوزارات، وأن مسؤولية إيجاد مراكز مخصصة للأطفال المغتصبين ومشرفيين مؤهلين للتعامل معهم هي مسؤولية وزارة التضامن، كما أنه من المفروض أن يكون هناك برنامج مقنن يدرس داخل الجامعات المصرية، ويطبق داخل المؤسسات الإيوائية.

في السياق ذاته يرى ''هلال'' أن الحل الوحيد في ضرورة تنظيم دورات تدريبية للعاملين بمراكز الإيواء ووضع معايير للرقابة عليهم من قبل منظمات المجتمع المدني، خاصة وان هناك انتهاكات عديدة ترتكب ضد الاطفال المقيمين بها، مما يجعلهم يهربون منها إلى الشارع، '' ولابد من توفير برامج للتوعية ضد التحرش والاغتصاب بالمدارس وتفعيل دور لجان حماية الطفل داخل كل حي، من أجل أن تكون التوعية للأسر أيضا من خلال زائرات لجان الحماية''.. هكذا قال.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج