إعلان

أحمد حسن "شهيد الغربة".. أحلام شاب سافر إيطاليا وعاد في "نعش".. "صور"

01:51 م الجمعة 07 يوليو 2017

البحيرة - أحمد نصرة:

"لا أحد سيعرج في مشيته لأن قدمك منكسرة".. عبارة كتبها الشاب أحمد حسن، ابن مدينة كفر الدوار في البحيرة على حسابه الشخصي على موقع "فيس بوك"، متخذًا منها منهجًا له في حياته، كان يدرك أن الحياة صعبة ولن ينفع أحد فيها سوى نفسه، وعليه كان قراره بالسفر في سن الطفولة حاملًا آماله وطموحاته، باحثًا عن تحقيق ذاته.

لم يسلك أحمد الطريق التقليدي الذي يسلكه أغلب الشباب الباحثين عن حلم الهجرة باللجوء لمراكب الهجرة غير الشرعية، ولكنه قرر البحث عن طريق رسمي، فعلم عن طريق بعض أقاربه بوجود منحة تقدمها مؤسسة "مصر الخير" للتعليم الفني، للدراسة في إيطاليا.

تقدم أحمد للمنحة واستطاع اجتياز جميع شروطها الموضوعة، وقُبل بها من وسط آلاف المتقدمين، ليحزم أمتعته نحو مدينة " كاستيلا "بإقليم كالابريا الإيطالي، تلك المدينة الساحلية الجميلة التي ظنها نقطة الانطلاق نحو مستقبله الذي يتمناه، فإذا بها تصبح محطة النهاية لحياته القصيرة.

مع حوالي 40 من زملائه بالمنحة، بدأ أحمد حياة جديدة في بلد جديدة مع أصدقاء جديدين أصبحوا بمثابة أسرته، عاشوا سويًا لحظات تحولهم من مرحلة الطفولة إلى المراهقة وأخيرًا الشباب، التي لم يهنأ بأيامها طويلًا، فتوفي بعد أيام من بلوغه سن العشرين.

يقول "شهاب"، زميل أحمد بالمنحة: "أحمد كان أكتر من أخويا، 5 سنين كاملة مع بعض في الغربة أكل وشرب وفسحة، كنا بنتشارك أفراحنا وأحزاننا مالناش غير بعض، الله يرحمه كنا كان طيب وابن ناس وعلى طول الضحكة ما بتفارقش وشه".

وبنبرة حزينة يروي محمد علي، أحد طلاب المنحة تفاصيل الحادث قائلاً: "مالحقش يفرح ومات في يوم تخرجه، كالعادة دائمًا في أوقات الفراغ نزل أحمد البحر هو ومجموعة من زملائه، البحر كان عادي الأول، وبعد كدة الموج علي قوي، وخدته موجة لجوه، واختفى، بلغنا قوات الإنقاذ وخفر السواحل، فضلوا يدوروا عليه بالمراكب والطيارات الهليوكوبتر، لغاية ما لقوا جثته على شط جزيرة قريبة".

وقال محمد وائل: "أحمد كان بيحب البحر جدًا وكنا بننزل سوا، لكن خلاص اتحرم عليا انزله تاني بعد ما كان سبب في فراقه وافتقادنا لضحكته".

كان أحمد مكافحًا ورغم تكفل المنحة بإقامته وإعاشته، ومنحه مصروفًا شهريًا، إلا أنه كان يعمل عددًا من الساعات بجوار دراسته، فقد كان يتمنى مواصلة تعليمه الجامعي بإيطاليا بمجال العلوم السياحية، وكانت تربطه علاقة خاصة بصديقه في المنحة والعمل مايكل سامح.

"مايكل" رثاه بكلمات مؤثرة قال فيها: "مش كفاية كده يا حسن وتيجي، مش كفاية وجعت قلبنا عليك، مش اتفقت معايا إننا هنخرب الدنيا في الصيف دا واحنا بنشتغل سوا، مش قولتيلي كل يوم نخلص شغلنا وننزل نلف ونتنطط، سبتني لية لوحدي هادخل المكان ازاي وانت مش معايا وحشتني قوي من أول يوم كفاية كدا تعالي بقا هموت واخدك في حضني دلوقتي".

وقالت سميرة طه، مديرة مدرسة وعمة الفقيد: "أحمد كان طفل مختلف عن أقرانه، ومن طفولته تحس له شخصية مختلفة وكاريزما بتخلي أي حد يحبه، كان دائمًا متفوق في دراسته مخطط لحياته ومحدد أهدافه، كان متعدد المواهب ومصور فوتوغرافي رائع، يوم الحادث كان خلص الامتحانات التحريرية وباقيله امتحان الشفوي بس تاني يوم، طلب من أصدقائه ينزلوا معاه البحر وحاولوا يأجلوا الموضوع لغاية بعد امتحان الشفوي ولكنه كان مصمم كأنه عارف قدره ورايحله برجله".

وأضافت سميرة: "أبوه سواق بسيط وكان عاقد عليه أمل كبير يساعد إخواته، وأمه لسه مش مصدقة الصدمة لغاية دلوقت".

وقال أيمن حسن: الشقيق الأصغر للفقيد: "أحمد كان صاحبي مش أخويا إلي مصبرني إنه في مكان أحسن، وربنا يصبر أمي لأنها في حالة انهيار من ساعة ما عرفت الخبر وعايشة على المهدئات والمنومات من ساعتها".

وقال محمد حسن الأخ الأكبر: "أحمد كان كان عيد ميلاده لسه تاني يوم العيد ومن يومين بس قعدنا نتكلم معاه بالصوت والصورة أكتر من 3 ساعات، زي ما يكون قلبه كان حاسس وبيودعنا".

وأبى أصدقاء الفقيد أن يفارقهم دون يصلى عليه، وحرص الجميع على المشاركة في الصلاة، بينما كانت كاميرا صديقه "أندرو" تلتقط مراسمها من أعلى أحد المباني، ويعلق أندرو على كلام أخو "أحمد" الأكبر قائلًا: "مفيش حد كان عيد ميلاد أحمد بيعدي إلا أما يعملهوله، كان راجل و جدع في كل حاجة، و أي حد كان عايز منه حاجه كان بيساعده".

على مسافة أمتار من القلعة التي تحمل المدينة إسمها والتي طالما التقط أحمد الصور التذكارية أمامها، جاء مشهد الوداع الأخير مؤثرًا، وشُيع جثمانه بالتصفيق وإطلاق الألعاب النارية، كان عريسًا يزف إلى الجنة، في حفل لم يقتصر حضوره على زملائه فحسب ولكن شارك به أيضا المئات من أهالي المدينة الصغيرة الذين تأثروا برحيل هذا الشاب الخلوق الذي حظى بحب واحترام كل من تعامل معه وكان خير سفير لأبناء بلده.

فيديو قد يعجبك: