إعلان

هل يقوم فلاديميير بوتين بتلقين الغرب درسًا عن طريق سوريا؟

02:05 م الخميس 08 أكتوبر 2015

الرئيس الروسي بوتين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – أماني بهجت:

بعد مرور أسبوعان على الضربات الروسية على مناطق في سوريا، قِيل أنها تابعة للجيش السوري الحر ولا تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية، اندلع سجال عن السبب الحقيقي وراء الضربات الروسية وفي هذا الوقت بالذات.

ووفقًا لنيويورك تايمز، فإنه في لأسبوع الماضي وبعد أن قامت الطائرات الروسية بضرب مواقع للقوات المعارضة للحكومة السورية في حمص، اشتكى مسئول أمريكي مرموق قائلًا: "ما تفعله روسيا في سوريا ليس محاربةً لتنظيم الدولة الإسلامية، إنها ليست الواقعية السياسية على الطراز القديم. إنها –حتى- ليست محاولة ساخرة لنسيان ما حدث في أوكرانيا. يريد بوتين ببساطة أن يؤذينا."

التفكير في روسيا كسبب في تعكير الصفو يلقى رواجًا في واشنطن اليوم. ولكن ماذا تريد مُعكرة الصفو حقًا؟ هل تدخلت روسيا في سوريا فقط لمشاهدة الرئيس أوباما مذلولًا؟ هل تدمير القيم الأمريكية هو السبب الوحيد لروسيا؟

الأدق أن نقول أن الكريملين في سوريا لأسباب تربوية: يريد الكريملين أن يُلقن الأمريكيين درسًا قيمًا. يريد أن تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أنه يجب عليها إما أن تتجهز للتدخل في أي حرب أهلية تبعت ثورة مُستلهمة من خطابها السامي، أو أن تتوقف على حث الناس على الثورة. "هل تستوعب ماذا فعلت؟" كانت إحدى العبارات البارزة في خطاب الرئيس فلاديميير يوتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الوضع في سوريا يمكن أن يكون عنصرًا في السياسة الواقعية له، لكنه أيضًا عن وجهتين نظر عالميتين. يمكن استيضاح الفرق باختصار بين الرئيسيين بوتين وأوباما من نظرية كل منهم ما سبب عدم الاستقرار العالمي الحالي. ترى أمريكا أن السبب الأول وراء عدم الاستقرار العالمي هو نتيجة لمحاولات الحكام المستبدين اليائسة للمحافظة على الوضع كما هو عليه، بينما تلوم موسكو واشنطن على هوسها بالديمقراطية.

إذا كانت رغبة الاتحاد السوفيتي أن تتحد كل البروليتاريا حول العالم، فالكرملين اليوم يريد للحكومات –حكومات العالم كلها- أن تتحد. روسيا التي جاءت بعد الاتحاد السوفيتي تخلت قد تخلت عن مبدأ القوة للشعب.

تضيف الصحيفة، ستجد أن معظم كتب التاريخ الشهيرة عن الثورة البلشيفية في 1917 في مكتبات موسكو اليوم تتحدث عن لينين ورفاقه ليست على أنها انتفاضة شعبية، ولكن على اعتبار أنها إنقلاب، تم تخططيه –وهنا يجدر بك الاختيار- الأركان العامة الألمانية أو عملاء المخابرات البريطانية. في أي وقت وأي مكان يقوم الناس للمطالبة بالسلطة، يصبح الوضع أكثر سوءًا. يرتكز عالم الكرملين على الولاء والاستقرار، عالم يسيطر عليه عدم الشعور بالأمان والخوف من المستقبل.

ما يضعه الكرملين في تفكيره ليست سوريا، أو حتى أوكرانيا، ولكن آسيا الوسطى، جزء من الاتحاد السوفيتي السابق حيث القادة السلطويين يشيخون، واقتصاد راكد، وحركات إسلامية متطرفة على وشك الظهور. ترى روسيا في نفسها أنها حامية الاستقرار في المنطقة، وتخشى من عدم الاستقرار. آسيا الوسطى اليوم تُذكر الكريملن اليوم بالشرق الأوسط منذ عقد من الزمان. هل يمكن لسوريا أن تلقن أمريكا درسًا بأن تراقب أفعالها وتهتم بشئونها عندما تحل الأزمة القادمة؟

يريد أن يلقن بوتين أمريكا درسًا، لكنه أيضًا يريد أن يوجه حديثه أيضًا لأوروبا التي يتدفق إليها اللاجئون بالملايين وتخشى من صعود الإسلام المتطرف والقلق الديمغرافي. بالأمس أمل الإتحاد الأوروبي بأن يحول جيرانه، اليوم يرى نفسه كرهينة. يريد بوتين أن يقنع أوروبا بأن الديكتاتور الوحشي معمر القذافي في ليبيا كان على قادر على حماية حدود أوروبا، فعل ما لم تقدر عليه الديمقراطيات الحديثه على فعله.

نعم ولا. معظم القادة الأوروبيون يأملون أن التعاون الأمريكي-الروسي في سوريا هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع. يريدون من موسكو أن تبقى إلى جوارهم. يلوم الكثيرون على النشاط الزائد لجورج بوش وتراخي باراك أوباما على الاضطرابات في الشرق الأوسط. يأملون للعودة لأوقات الإنفراج بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، حيث –كما كتب المؤرخ جيرمي سوري، "تخلى القادة عن آمالهم في التغيرات السياسية في سبيل تيسيير الصعاب التي واجهوها في بلادهم."

على الأقل وفقًا لفرضية بوتين –أن أوروبا ستقبل بروسيا أكثر قوة كضامن للاستقرار، وحتى على حساب تراجع أوروبا عن قيمها وطموحاتها.

ولكن هل يقدر بوتين على الوصول لهذه النقطة؟ حديثه عن الاستقرار التام جاذب عاطفيًا ولكنه غير عملي. لم يعد العالم يعترف بديناميكيات الشرق والغرب: التغيرات الاجتماعية، والديموغرافية، والثقافية، والتكنولوجية جعلت من الاستقرار العالمي أحجية معقدة. نحن نعيش في عصر الاضطراب.

على الرغم من أن روسيا على حق في أن ما نراه اليوم في سوريا ليس صدام بين حكومة قمعية وشعب محب للحرية، لكنه ليس أيضًا صدام بين حكومة ذات شرعية وحفنة من المتطرفين، كما تُصر موسكو. جدير بالذكر أن الغالبية الأكبر من الااجئيين في أوروبا فروا من نظام الأسد وليس من تنظيم الدولة الإسلامية، وتمسك الأسد بالسلطة قد يعني بقائهم في أوروبا للأبد.

بعبارات أخرى، رغبة بوتين التربوية، ليست مقنعة بالكامل. ويتطلب الأمر أكثر من تغيير السياسية الأمريكيية للشعوب بأن تتوقف عن الثورة ضد الحكومات القبيحة.

فيديو قد يعجبك: