إعلان

ننشر نص مقال صحفي الجزيرة محمد فهمي: لسنا أعداءً لمصر؟

02:35 م الأربعاء 07 يناير 2015

صحفي الجزيرة محمد فهمي


كتبت – سارة عرفة:

قال الصحفي المصري – الكندي محمد فهمي، رئيس مكتب الجزيرة الإنجليزية في القاهرة، إنه وزميليه المحبوسين لإعادة محاكتهم في القضية العروفة إعلاميا باسم ''خلية الماريوت''، إنهم ليسوا أعداءً لمصر، مضيفا أن الصحفيين حلفاء للرئيس عبد الفتاح السيسي في حربه التي يخوضها لهزيمة الإرهاب.

وواجه فهمي مع زملائه عدة تهم، من أبرزها الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين -المصنفة تنظيما إرهابيا من قبل السلطات المصرية الحالية- وتكدير السلم العام، ومساعدة المتهمين المصريين في ارتكاب جرائمهم من خلال إمدادهم بمواد إعلامية ونشرها.

وتحدث فهمي في مقاله المنشور في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن خلفيات محاكمته والخلاف بين دول الخليج ومصر من جهة وقطر وحلفاءها من جهة أخرى. وطرح تساؤلات حول قضيته وزميليه الأسترالي بيتر جريتسه والمصري باهر محمد وتدخلات السياسة فيها في المقال. وإليكم نص المقال:

''قضيت أنا واثنين من زملائي في العمل بقناة الجزيرة الانجليزية أكثر من عام في السجن، وتم توجيه تهم إلينا بالانضمام لجماعة إرهابية تتأمر على مصر، وننقل أخبارا مزيفة، وفي الحقيقة وبمنتهى البساطة نحن كنا نقوم بعملنا كصحفيين''.

وفي الأول من يناير الجاري نما إلى علمي انا وزملائي (بيتر جريست وباهر محمد) أن الطعن الذي قدمناه تم قبوله، وانه سوف يتم إعادة محاكمتنا، وكنا نأمل في المزيد وأن يتم اطلاق سراحنا بكفالة لحين المحاكمة الجديدة والتي ستستغرق شهورا.

لكننا شعرنا بالاطمئنان لحكم المحكمة، فقد كان تأكيدا رسميا على ان محاكمتنا الأصلية أخذت على محمل الجد وأن الأحكام التي صدرت بحقنا كانت مليئة بالأخطاء.

لقد تم اقحامنا في لعبة سياسية لم يكن لنا بها وبعملنا أدنى علاقة بصفتنا صحفيين محترفين، واختارت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي أن ترانا كعملاء لأجندة أجنبية، وفي الحقيقة نحن أقرب من أن نكون رهائن.

بدأت العمل كمدير لمكتب قناة الجزيرة الانجليزية بالقاهرة في سبتمبر 2013، في نفس الشهر الذي منعت فيه محكمة مصرية بث قناة الجزيرة مباشر مصر والتي كانت تبث بالعربية وهي قناة تابعة كذلك لدولة قطر، وجاء الحكم نتيجة أن المحكمة رأت أن الخدمة العربية كانت متحيزة لصالح الإخوان، وأصبحت خطرا يهدد الأمن القومي المصري.

وعلى الرغم من منع بث الجزيرة مباشر مصر، فقد قبلت التحدي لإدارة مكتب الجزيرة الانجليزية، لأنني أثق في مهنية الصحفيين العاملين بها، ولأنني وثقت في أن الحكومة المصرية ستحترم الاختلاف بين القناتين.

ومنذ اليوم الأول لي في العمل وضعت في اعتباري أن هناك فرقا واضحا بين القناتين سواء في الاتصال أو حتى في مقابلة الأشخاص، ووضعنا كتابا لإرشادات العمل الصحفي، وكانت كل التقارير التي قام بها أعضاء فريق عملي موثقة بمصادر جيدة، حيادية ومتزنة.

كما أني اكدت على الادارة في قطر عدم استخدام تقاريرنا وترجمتها إلى العربية أو أن تبث من استوديوهات القناة في قطر التي تبث منها الجزيرة مباشر مصر.

ومع عدم وجود طاقم عمل في أرض مصر، كانت الخدمة العربية تعتمد في تغطيتها الإخبارية على صور من المواطنين الصحفيين ووكالات مثل رويترز.

وفي 25 ديسمبر 2013 صنف مجلس الوزراء المصري جماعة الإخوان المسلمين جماعة ارهابية، وتبعتها في ذلك السعودية والامارات، وبعد أربعة أيام تم القاء القبض علينا.

وقررت السلطات المصرية تجاهل الاختلاف بين القناة الانجليزية والعربية، وحتى الأن لم يستطع الادعاء الدفع بأية أدلة مقنعة ضدنا.

وكان أحد كبار المحققين قد أقسم اليمين وقال إني اعمل لدى الجزيرة مباشر مصر، إلا أن هذه الشهادة عارية تماما من الصحة، ومما زاد الطين بله أن الفيديو الذي تم تقديمه كدليل إدانة ضدي كان بتاريخ 2011 وبداية 2013 أي الفترة التي كنت اعمل خلالها لدي ''سي إن إن''.

في الواقع، المحكمة كانت تحاكم قطر – التي وصفها رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير بندر بن سلطان بأنها ''لا شيء سوى 300 شخص.. وقناة تلفزيونية''، وفقا لما نقلته عنه صحيفة وول ستريت جورنال. نحن الصحفيون الثلاثة جررنا بدون قصد غلى الحرب الباردة بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين من جانب، وقطر وحلفائها بينهم تركيا من جانب اخر.

فليس سرا أن قطر دعمت حكومة الرئيس محمد مرسي سياسيا وماليا. وعندما أنهى ملايين المصريين بدعم من الجيش حكم الإخوان المسلمين في 3 يوليو 2013، انتقمت قطر بسحب استثماراتها التي تقدر بعشرة مليارات دولار. وتدخلت السعودية، وانضمت إليها الكويت والإمارات وتعهدوا ب12 مليار دولار دعما للحكومة الانتقالية في مصر.

في النهاية، في 16 نوفمبر وافقت السعودية والإمارات وقطر على اعادة سفرائهم إلى قطر. وتوسط التحالف الذي تقوده السعودية في مصالحة بين مصر وقطر، وتم توقيع اتفاق الرياض، ما يشر إلى نهاية الخلاف الذي استمر عدة أشهر.

في المقابل، وافقت قطر على وقف التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر. وكان إغلاق الجزيرة مباشر مصر جزء من الثمن.

وكان قرار قطر بنهاء الخدمة العربية (الجزيرة مباشر مصر) سببا لاحتفال ملايين المصريين، فضلا عن أننا الصحفيين القابعين خلف القضبان. وأعتقد أنني تحدثت مع زملائي في الجزيرة الإنجليزية بالقول لا يمكن ان يأتي القرار في وقت قريب بما فيه الكفاية.

ونقلت الصحف القطرية والمصرية عن مسؤولين حكوميين من كلا البلدين قولهم إن العفو عنا قد يكون في غضون أيام. ورحبت بتصريح السيد السيسي مؤخرا بأنه يشير إلى نية في الإفراج عن صحفيي الجزيرة الإنجليزية.

عوضا عن ذلك، نواجه الآن محاكمة إضافية، مع عدم وجود ضمانة لمحاكمة عادلة. ولدى جرسته وأنا جنسية أجنبية، وتقدمنا بطل لترحيلنا إلى أستراليا وكندا على التوالي. نصحتني محاميتي أمل كلوني بشأن مشروعية إمكانية تسفيري إلى كندا بموجب القرار الرئاسي الجديد الذي سيمح للجنسيات الأجنبية بالمحاكمة وتمضية عقوباتهم في الخارج.

والسؤال الذي يشغلنا: كيف يمكن أن يكون مواطنين من كندا وأستراليا تصور كل هذه الأطراف المحتملة، فيما يعملون على تسوية عشرات من المسائل القانونية على أراضيها على طرفي نقيض من العالم؟

هل السيسي يستخدمنا لمواصلة تشويه الجزيرة كألة دعائية لصالح قطر؟ هل قطر تفجر قضيتنا لتدمير سمعة مصر على مستوى حقوق الإنسان؟ فطالما أننا ما زلنا في السجن، فإننا لا نزال بيادق.

وهذا جزء من نمط أكبر، فهيستيريا ''الحرب على الإرهاب'' أصبحت، في جزء منها، حربا على الصحفيين. فتغطية الانتقال الجيوسياسي في المنطقة يشبه السير في حقل من الألغام.

فالصحفيين يختطفون ويقتلون حتى أنهم تقطع رؤوسهم. واخرون أصيبوا أو سجنوا. ذراعي لا تزال في عجز تام بسبب كسر في الكتف أصبت به قبل القبض علي وذهابي للعلاج في السجن لفترة طويلة.

وأود أن أذكر السيد السيسي أنه في الحرب التي يخوضها ضد سرطان الإسلام السياسي ونتاجه العنيف، فإن الصحفيين ليسوا أعدادا بل حلفاء. نحن نكشف الحقيقة حول الإرهاب الذي يكافح لهزيمته.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: