إعلان

قصة جاسوسة فلسطينية تكشف كيف تقوم إسرائيل بتجنيد عملاءها

01:37 م الخميس 18 سبتمبر 2014

تنظيم حماس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – سارة عرفة:

كشفت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن كيفية تدريب الجواسيس واستقطابهم وذلك من خلال قصة أرملة فلسطينية (48 عام) تم تجنيدها هي وزوجها، وقتل وزجها على يد مسلحين عام 2012 بعدما اكتشفت حماس خيانته، وتم اعتقالها من قبل حماس لتورطها.

ووفقا لما ذكرته السيدة لوكالة أسوشيتد برس، استغل عملاء أمنيون إسرائيليون مرور زوجها بضائقة مالية منذ 10 سنوات، وأغروه للتعاون معهم بأن عرضوا عليه تصريحا بالعمل في إسرائيل، ثم جندت هي أيضا لاحقا عندما سُمح لها باصطحاب أحد أبنائها إلى إسرائيل لتلقي علاج طبي.

ووصفت هذه المرأة الفلسطينية للوكالة السنوات التي قدمت خلالها، هي وزوجها، المعلومات إلى إسرائيل، بالقول: "كانت حياتنا جحيما. كنا مذعورين. كنت أنظر خلفي عندما أخرج إلى السوق وأشعر بالخوف لرؤية أي سيارة شرطة".

جند زوج الأرملة الفلسطينية منذ 10 سنوات تقريبا، عندما كانت إسرائيل تملك سيطرة مباشرة على غزة قبل انسحابها من القطاع عام 2005. عمل الرجل في السابق جامع قمامة بإسرائيل، وقتما كان الآلاف من سكان غزة مسموح لهم بالدخول إلى إسرائيل يوميا للعمل. ولكن ألغي تصريحه بسبب تورطه في سرقة سيارة، على حد قول زوجته.

بدأت الزوجة بزيارات متكررة إلى مصر لشراء بعض السلع لتبيعها في غزة. وعندما حاول أن يفعل زوجها مثلها، أوقفه عملاء الأمن الإسرائيليون على الحدود من جانب القطاع. وقالت زوجته بأنهم عرضوا عليه إعادة تصريحه للعمل في إسرائيل مقابل التعاون معهم. بعد ذلك، ساورت الشكوك زوجته لأنه كان يصعد إلى سطح منزلهم باستمرار لإجراء مكالمات هاتفية. وعندما واجهته، اعترف لها وقال لها: "أنا لا أؤذي أحدا. أعطيهم فقط رقم هاتف أو اسم أو معلومة عن أحد الأنفاق".

ولكنها لم تنضم إلى زوجها في العمالة إلا في عام 2008، عندما سُمح لها باصطحاب أحد أبنائها لتلقي العلاج في مستشفى إسرائيلي. وطُلب منها التوجه إلى مكتب الأمن في المستشفى، وهناك أعطاها شخص إسرائيلي مالا لشراء هدايا لها ولأبنائها. وبعد عدة أيام، أعطاها 14 ألف دولار أميركي وتعليمات بترك المال في نقاط متعددة بغزة لدفع مستحقات عملاء آخرين. وقالت: "تركنا المال تحت الصخور، وفي صناديق القمامة، وإلى جانب الجدران".

وتابعت السيدة قائلة إنه قبل اعتقالهما بفترة قصيرة عام 2011، تلقى زوجها اتصالا من الإسرائيليين وصفوا له سيارة وطلبوا منه التوجه فورا إلى الطريق الرئيس خارج منزله وانتظارها. عندما رأى السيارة، اتصل بالإسرائيليين وأخبرهم بأن رجلين بداخلها. وبعد أكثر من ساعة، فجّر الإسرائيليون السيارة، وقتلوا من فيها، وفيما يبدو كانا من المقاتلين.

أفرج عن هذه السيدة، التي اشترطت حجب اسمها لأن حماس لا تسمح للعملاء المفرج عنهم بالحديث إلى الصحف، في ديسمبر الماضي بهدف الاعتناء بأولادها السبعة.

وتكافح الأرملة الآن من أجل تربية أبنائها بدخل قليل، ولم تذكر التعرض لمضايقات بسبب الحكم الصادر بإدانتها، ولكنها قالت: "يبدي لي الجيران ابتسامات غير صادقة، ولكني أعلم ماذا يدور في أذهانهم تجاهنا".

وعن صحة أو خطأ العمل مع إسرائيل، تظهر على وجه الأرملة تعابير هي مزيج من الإنكار والرغبة في الدفاع عن سمعة زوجها، والشعور بالارتياح لانتهاء أعوام الخوف. وأكدت: "كان زوجي رجلا طيبا. لم يكن يضر أي شخص".

وتعتمد إسرائيل، على مدار التاريخ، على عملاء يتعاونون معها ضد الحركات الفلسطينية والنشطاء، وكانت تجند هؤلاء بوسائل تتنوع ما بين الإيقاع في المصيدة، والابتزاز، إلى النقود والإكراميات.

وبدورها، تبذل حماس كل ما في وسعها لوقف العملاء، خاصة بإعدامهم علنا لردع الآخرين، إذ إنها تحمّلهم مسؤولية مساعدة إسرائيل على اغتيال عشرات من كبار قادتها.

وقالت مصادر مطلعة للشرق الأوسط، إن طرقا مختلفة تؤدي إلى كشف العملاء، مثلا عن طريق تصرفاتهم كمشاهدتهم مرارا في محيط مقر أمني تقصفه إسرائيل لاحقا، أو استفساراتهم من الآخرين عن ناشطين. ويعتقل آخرون لأسباب أخرى مثل حيازة المخدرات، لكنهم يعترفون أثناء التحقيق بتورطهم في العمالة. بينما يعتقل آخرون بعد وشاية من عملاء آخرين.

ووجهت جماعات حقوقية فلسطينية انتقادات حادة لحماس بسبب تنفيذ هذه الإعدامات خارج إطار القضاء. ويقول صلاح عبد العاطي، من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة: "كانت رسالة مفزعة إلى المجتمع ورادعة للعملاء الآخرين".

ولكن تلك المخاوف الحقوقية لا تحظى إلا بقليل من التعاطف بين الفلسطينيين الذين يعدون إبلاغ إسرائيل معلومات "خيانة لا تغتفر"، حتى بين أولئك الذي يعارضون قبضة حماس الحديدية على القطاع منذ عام 2007.

توجد أمثلة لبعض الفلسطينيين الذين تعاونوا مع إسرائيل بدافع من قناعة سياسية. وكان أكثر عملية تجسس تسببت في الإحراج لحركة حماس، تخص نجل مؤسس الحركة الشيخ حسن يوسف لمصلحة إسرائيل من عام 1997 إلى 2007، الذي وصف بـ"الأمير الأخضر". وكتب مصعب يوسف، الذي يقيم حاليا بالولايات المتحدة، لاحقا، إنه فعل ذلك بسبب كراهيته تصرفات حماس.

ولكن، من المعتقد أن الغالبية العظمى من العملاء يفعلون ذلك بسبب الابتزاز أو لتحقيق مكاسب مالية.

وقال أحد المسؤولين بوكالة الاستخبارات الداخلية في إسرائيل (شين بيت) التي تدير ملف العملاء الفلسطينيين: "كل شيء يبدأ وينتهي بالمال". ويجند كثيرون عند معبر إيريز الحدودي بين إسرائيل وغزة، عندما يطلبون الحصول على تصريح بالدخول، على حد قول المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه.

في جانب غزة من المعبر، توجد لافتة كبيرة وضعتها حماس لتحذير الفلسطينيين من الوقوع في شرّك التجنيد على يد الإسرائيليين.

ونقلت أسوشييتد برس مشاهداتها لتجربة مباشرة لكيفية استخدام الجيش الإسرائيلي المعبر للحصول على معلومات من الفلسطينيين المارين خلاله. وعلى الجانب الإسرائيلي، خارج المعبر، جلس رجل أعمال فلسطيني دخل لتوه من غزة، وكان ينتظر شقيقه الذي كان يمر معه من المعبر، لكن مسؤولي المعبر احتجزوه في الداخل.

اقترب ملازم في الجيش يرتدي الزي العسكري ويتحدث بالعربية من الرجل ووعده بمساعدة شقيقه، ولكنه طرح عليه أولا عشرات الأسئلة عن الحياة في غزة وعدد المصانع المتضررة في الحرب الأخيرة، والمزاج السائد في الشوارع وإمدادات الكهرباء. استمرت الأسئلة، التي حملت نبرة عادية، 15 دقيقة، وأجاب عنها الرجل بقليل من التردد.

وفي النهاية، أصر الضابط على الحصول على رقم هاتف الرجل. وظهر شقيقه سريعا بعد ذلك.

وكانت وزارة الداخلية التابعة لحماس أعلنت أنها أعدمت 12 عميلا منذ عام 2007 بعد محاكمات سرية. وتقول جماعات حقوقية، إن 53 ممن يزعم تورطهم في العمالة أعدموا على يد مسلحين من حماس في الفترة ذاتها.

وخلال حرب 2012 بين إسرائيل وحماس، قتل الكثير من قيادات حماس في غارات جوية، اقتاد، على أثرها، رجال ملثمون زوج الأرملة و5 آخرين من العملاء من السجن وأعدموهم رميا بالرصاص عند أحد التقاطعات في غزة، ثم سحلت جثة واحد على الأقل من الستة في الشارع بواسطة دراجة نارية، رغم أنه من غير المعلوم ما إذا كان ذلك جثمان زوجها أم لا.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: