إعلان

"الختان" الرابح في معركة خاسرة: المجتمع المدني يسبح بعيدًا.. والدولة راكدة -(تقرير)

10:24 م الأحد 24 يوليه 2016

الختان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

أحدثت قضية وفاة الطفلة بدور شاكر في يونيو 2007، تغييرات سريعة في المنظومة القانونية الحاكمة لختان الإناث، ففي الشهر التالي لوفاتها أصدر وزير الصحة وقتها حاتم الجبلي قرارا وزاريًا حمل رقم 271 لسنة 2007، يحظر فيه على الأطباء وأعضاء هيئة التمريض وغيرهم إجراء عمليات الختان داخل المستشفيات الحكومية أو غير الحكومية، واعتبار من يقوم بمثل هذه العمليات مخالفًا للوائح والقوانين المنظمة لمزاولة مهنة الطب، ثم أضُيفت مادة جديدة إلى قانون العقوبات، 242 مكرر، بعد عام واحد لوفاة "بدور"؛ لتجريم ختان الأنثى وتعاقب من يجريه بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن 5 آلاف جنيه.

قصور المادة المُجرمة

تقول المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن هناك 4 مقترحات قانونية بخصوص المادة المجرمة للختان لمواجهة القصور في التطبيق أولها: حذف الإشارة إلى المادة 61 في بداية المادة 242 مكرر في قانون العقوبات، والذي يقضي بأنه "لا عقاب على من ارتكب أي جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو الغير من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن هناك أي لمنع هذا الخطر سوى بارتكاب جريمة".

وتضيف أن الإشارة إلى هذه المادة يعد مقوضًا لتجريم الممارسة لأنها تعطي إيحاء بوجود حالات يضطر فيها الطبيب إلى ارتكاب جريمة الختان لوقاية الفتاة من خطر جسيم عليها في بعض الأحيان، بخلاف الواقع، حيث يؤكد صندوق الأمم المتحدة للسكان لأي سبب طبي يبرر الختان، كما أن هذه المادة تستخدم من قبل القضاة غير المقتنعين بتجريم الختان.

وكان المقترح الثالث خاص بإعفاء الأهالي وشركاء الجريمة من العقاب في حالات الإبلاغ، لأن المادة الجديدة الصادرة والخاصة بتجريم الختان أدت إلى إحجام الأهالي عن الإبلاغ في حالة الوفاة لأنها تنزل العقوبة بالجميع على حد سواء، الطبيب والوالدين وشركاء الجريمة، مما يدفع الجميع إلى التستر على الجريمة، ويؤدي ذلك إلى تعاظم التواطؤ بين الأسرة والطبيب. كما اقترحت المبادرة إلغاء وصف الجرم في حالة وفاة الطفلة بأنه قتل خطأ واستبداله بجرح أفضى إلى موت، وبالتالي فالعقوبة ستكون مختلفة لأنه في حالة القتل الخطأ يفترض أن يقوم الطبيب بفعل مباح من الأصل ولكن عدم حرصه أدى إلى وفاة المجني عليه وذلك طبقا للمادة 238 من قانون العقوبات، أما التوصيف الصحيح فهو جرح أفضى إلى موت طبقا للمادة 236 من نفس القانون وهو ما يجعل الفعل الأساسي للطبيب (مؤثم) وهو الختان إلى جانب أن العقوبة في هذه الحالة تتناسب مع الجرم والتي تصل إلى السجن المشدد 15 عاما.

وكان الاقتراح الأخير هو توسيع دائرة المسؤولية لتشمل المنشآت الطبية التي تجرى فيها عمليات الختان والقائمين على إدارتها وعدم التهاون مع مدير المؤسسة الطبية التي تسمح بإجراء هذه العملية، خاصة وأن منظمة الصحة العالمية تنفي وجود دليل على أن قيام الأطباء أو العاملين الطبيين المدربين بإجراء الختان يعني بالضرورة أن هذه العمليات أكثر أمانا من العمليات التي لا يجريها الأطباء.

الختان في مصر

تقول الدكتورة فاطمة خفاجي، عضو الاتحاد النوعي لنساء مصر، إنه من بين كل النساء والفتيات اللاتي خضعن لعملية الختان حول العالم ويبلغ عددهن 200 مليون، فإن واحدة من كل 9 منهن تعيش في مصر، ولدى مصر أكبر عدد من النساء اللائي تعرضن للختان، حيث يبلغ عددهن 2.27 مليون إمرأة.

وطبقا للمسح الصحي الديموجرافي لعام 2014 فإن 92% من النساء اللاتي سبق لهن الزواج في الفئة العمرية ما بين 15 ـ 49 سنة خضعن للختان وأكثر من نصفهن تم ختانهن في عمر من 7 ـ 10 سنوات، فيما تبلغ نسبة الرجال الذين يفضلون استمرار عملية الختان 61% في عام 2014 حيث ازدادت عن عام 2008 حث بلغت 54%، بينما تجرى 82% من عمليات الختان بمعرفة أطباء وممرضين.

وتضيف أن نصف النساء اللاتي سبق لهن الزواج يعتقدن أن الزوج يفضل أن تكون زوجته مختنة وأقل من النصف مباشرة يعتقدن أن ممارسة الختان تمنع الزنا (46%)، فيما يوافق 54% من السيدات على أن مارسة الختان تؤدي إلى وفاة البنت ونسبة قليلة نسبيا من النساء (9%) يعتقدن أن الولادة تكون أكثر صعوبة للنساء المختنات عن باقي النساء.

ويظهر المسح الصحي الديموجرافي أن أكثر من نصف السيدات يعتقدن أن ختان الإناث متطلب وفقا لتعاليم الدين و6 من كل 10 سيدات يعتقدن أن ممارسة الختان لابد أن تستمر

عقبة "المجتمع الأبوي"

ترى "خفاجي" أنه يصعب القضاء على جريمة ختان الإناث خاصة في ظل وجود المجتمع الأبوي الذي يتدنى فيه وضع النساء عن الرجال، مما يضعف إمكانية المناداة والحصول على المساواة بين الجنسين ويبقى الرجال هم المتحكمة في حرية وأجساد النساء.

وقالت إن "المجتمع الأبوي يسود فيه التفرقة الجامدة بين الأدوار والمسؤوليات التي يجب أن يقوم بها الرجال وتلك التي تقوم بها النساء، فأصبحت الأمور الخاصة مثل الملبس والختان والعذرية والحمل الإنجاب أمورا يختص بها الرجال في المجتمع الأبوي ولا تملك النساء تقريرها".

وتشير إلى أنه عندما تُحيط السلطة الأبوية نفسها بغطاء ديني كما هو الحال في موضوع ختان الإناث يصعب مواجهته والحد منه، حيث تصبح حقوق الرجال على النساء مبررة من منطلق ديني، فيما يقوم النساء بدفع بناتهم للختان من أجل مصلحة الرجال الذين يعتبرون الختان من خصائص المرأة العفيفة، ففي أحيان كثيرة وخاصة في الريف يطلق الزوج زوجته عندما يكتشف أنها غير مُختنة.

طبقا للمسح الصحي الديموجرافي لعام ١٩٩٥ فإن معدل ممارسة الختان وصل إلى ٩٧% مما يشير إلى أنه رغم الجهود المبذولة من جانب الحكومة والمجتمع المدني والمجتمع لخفض معدلات منارسة الختان في مصر، فإن هذا الانخفاض على مدى ٢٠ عام يعتبر ضئيلا حوالي ٥%.

حلول مسكوت عنها

تشير خفاجي إلى أن هناك مجتمعات قد سبقتنا في نبذ ممارسات ظلت لعقود طويلة تمارسها ضد نسائها مثل ربط وتقييد أرجل النساء وكي صدور النساء، وحققت ذلك عندما أيقنت أن جسد المرأة لم يخلق ليقرر شكله الرجال تحت ستار الضبط الجنسي أو الدين أو التقاليد والعادات.

وتقول أن كلا الجانبين التشريعي والتوعوي له أهمية في الحد من ظاهرة ختان الإناث، كما أن كسر الصورة النمطية والأدوار التي تميز الرجال عن النساء هو الذي سيرفع من شأن المرأة وسيخرج قيمة المرأة من جسد يتحكم به الرجال إلى إنسانة كاملة لها كامل أهليتها.

فيديو قد يعجبك: