إعلان

حوار- نائب الوزير للتعليم الفني: من يُضبط بمخالفة يعاقب.. وليس على رأسنا "بطحة"

08:18 م الأربعاء 01 يونيو 2016

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

 حوار- ياسمين محمد:

تصوير- علاء القصاص:

يعتبر التعليم الفني جانب مهم من جوانب التعليم في أي دولة، حيث يُبنى عليه مستقبل الدولة الاقتصادي، إذا تم ربطه بسوق العمل، وأخرج فنيين لديهم المهارات الكافية التي تعينهم على الإنتاج.

ورغم أهمية هذا النوع من التعليم، إلا أنه يُعاني من نظرة سلبية وصمه بها المجتمع بسبب مشكلات تتراكم عام بعد عام. ومع التعديل الوزاري الأخير وإعادة دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم الفني، عيّن الرئيس عبد الفتاح السيسي نائبًا لوزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفني، ليظل لهذا القطاع من التعليم اهتمام خاص من الدولة.

مصراوي التقى الدكتور أحمد الجيوشي، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني، وأجرى معه حوارًا، حدثنا فيه عن خطة الوزارة لتطوير التعليم الفني، وشراكتها مع القطاعين العام والخاص، كما حدثنا عن أبرز التحديات التي تواجع المنظومة التعليمية، وأوضاع الامتحانات التي تجري في الفترة الحالية. وإلى نص الحوار..

ما الآليات التي تتبعها الوزارة لتغيير الصورة السلبية عن التعليم الفني لدى المجتمع؟

تغيير صورة التعليم الفني في المجتمع يحتاج إلى سنوات فالأمر ليس بضغطة زر، لأن الصورة السلبية تكوّنت على مدار سنوات وتحتاج أكثر من ذلك لإصلاحها، وبدأنا في تغيير هذه الصورة بتغيير المناهج بشكل تام لترتبط بالصناعة، وبالتالي يتوفر للطلاب فرصة عمل بعد التخرج.

إلى جانب ذلك نعيد تنظيم التعاون مع شركاء التنمية الأجانب، وننظم برامج للتدريب على التوظيف، كل هذا يتم السير فيه دون أن يشعر أحد، هدفنا تغيير المنظومة بشكل كامل لضمان تقديم خدمة تعليمية جيدة للطلاب، وبالتالي تتوفر لهم فرصة عمل جيدة وتتحسن صورة التعليم الفني؛ لنجد الطلاب يتجهون إلى هذا النوع من التعليم دون التعليم العام.

بعض الدول تستعين بالتعليم الفني للتغلب على الأزمات الاقتصادية، ماذا عن مصر؟

خطة الوزارة في مجال التعليم الفني، لها إطار محدد وفق رؤية مصر لعام 2030 التي دشنها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ شهرين، والمادة 20 من الدستور التي تنص على أن التعليم الفني لابد أن يوضع وفق معايير الجودة العالمية، وهذا يتطلب إجراءات كثيرة ووقت طويل نستطيع خلاله إعادة تجهيز المدارس، وإعادة هيكلة المناهج لترتبط بالصناعة، وبناء شراكة بين التعليم والصناعة لتوفير تدريب للطلاب والمعلمين، ونقل تجارب العالم في التعليم الفني، كل هذا يحتاج وقت ولكن أؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح حاليًا.

ما خطتكم لزيادة فرص التدريب لطلاب التعليم الفني في سوق العمل؟

النسبة الحالية للطلاب الذين يتوافر لهم تدريب بأماكن العمل 1.5%، ونحاول أن نصل بها إلى 10% خلال العام المقبل، وإلى 30% خلال عامين، ولو استطعنا توصيلها لـ100% سيكون أفضل، ولكن الصناعة لدينا ليست بالقوة التي تمكننا من تدريب كافة الطلاب فلا تلوموا التعليم وحده بل لوموا الصناعة كذلك.

وفي هذا الإطار؛ عقدنا الكثير من اللقاءات في الداخل والخارج، ولكن عملنا لا يظهر تأثيره لأنه يحتاج وقت طويل، فالدول المتقدمة طورت التعليم الفني خلال 10 سنوات على الأقل، لذا خطتنا تسمى 2030، ومع ذلك أؤكد أننا سنطور التعليم الفني قبل ذلك بكثير.

ماذا عن التواصل مع وزارة الصناعة لتوفير فرص التدريب للطلاب؟

حاليا نتواصل مع رجال الأعمال وليست وزارة الصناعة، ولدينا تواصل مع اتحاد المستثمرين واتحاد الصناعات وبعض المحافظين، لكي يتولى كل رجل أعمال تطوير مدرسة تعليم فني.

إلى جانب ذلك تتضمن الخطة الاستثمارية للدولة أن تقوم كل محافظة بتطوير 5 أو 6 مدارس خلال السنة، وأن يكون جزء من تطوير تلك المدارس ربطها بالصناعة، مثل نموذج مدرسة داخل المصنع والعكس.

أعلنت الوزارة عن إنشاء جامعة تكنولوجية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي.. ما الخطوات التي تم اتخاذها في هذا الإطار؟

هناك خطوات جادة ولكنها لم تكتمل، فالجزء الأكبر منها متعلق بوزارة لتعليم العالي، ونتمنى أن تتخذ التعليم العالي إجراءات حقيقية تجاه إنشاء الجامعة.

قلت إن التعليم الفني "قضية عدالة اجتماعية".. ماذا تقصد؟

في رأيي أن التعليم كله قضية عدالة اجتماعية، وخاصة التعليم الفني لأن طلاب التعليم الفني يأتون من أسر رقيقة الحال كأسرنا التي نشأنا بها، وبالتالي على الدولة توفير تعليم جيد لهؤلاء الطلاب، فلا يعني بساطة أسرهم أن نهملهم، فيجب علينا توفير نفس الخدمة بنفس المستوى من الجودة لكل طالب أيا كان موقعه في مصر، فمن غير المقبول أن يتم تدريب الطلاب في المناطق المجاورة للمصانع، ولا يجد الطلاب خارج تلك المناطق هذا التدريب، فمفهوم العدالة الاجتماعية يعني توفير نظام تعليم وتدريب حقيقي لكافة الطلاب.

قلت إن منظومة التعليم الفني مفككة.. هل تسعى الوزارة لعمل تشريع ينظم العمل بها؟

صحيح، فالتعليم الفني مشتت بين وزارة التربية والتعليم، التعليم العالي، الصناعة، الإسكان، القوى العاملة، الري، والنقل، ولا يوجد مواصفات قياسية حاكمة للمنتج النهائي الذي يخرج من هذا النوع من التعليم، وهذا ما أقوله.

ونعمل حاليًا على تنظيم العمل بين تلك الجهات، سواء من خلال تشريع منظم للتعليم الفني في مصر، أو التنسيق بين الجهات لتوحيد المنتج النهائي للتعليم الفني.

أعلنت أن نظام "الجدارات" هو الأنسب لتطوير التعليم الفني .. ماذا عن هذا النظام؟

نظام "الجدارات" أو الكفاءات يعني أن خريج التعليم الفني لديه عدد من المهارات المحددة تمكننا من قياس استيعابه لها بعد إنهائه مرحلة التعليم الفني.

ورغم وجود بعض الأهداف الثابتة في المناهج تحددها وزارة التربية والتعليم، إلا أن أهداف التعلم مختلفة عن مهاراته، والصناعة هي التي تحدد تلك المهارات أو الجدارات التي يجب أن تتوفر لدى طالب التعليم الفني، وبالتالي فإن الغرض الأساسي من نظام الجدارات هو ربط التعليم الفني بسوق العمل.

أكثر من نصف المهارات التي يتعلمها الطالب وفق نظام "الجدارات" لا علاقة لها بالتخصص المهني.. ماذا عن ذلك؟

كل الدول التي طبقت نظام "الجدارات" تضع نصف المهارات التي يتعلمها الطلاب بعيدة عن التخصص المهني، ولكنها مهارات حياتية أو الـ Soft Skills، كالعمل في فريق، القدرة على حل المشاكل، القدرة على التواصل، الاستقلالية، والحفاظ على البيئة، فلا يمكن أن نتخيل فني كهرباء لا يستطيع التواصل مع الناس، أو لا يعلم أساليب الحفاظ على البيئة، وهكذا..

ما التحديات التي تواجه التعليم الفني في مصر؟

هناك الكثير من التحديات التي تواجهنا منها ما يتعلق بالمنظومة نفسها، ومنها ما يتعلق بطبيعة العمل أو بتراكم المشكلات مثل: طريقة وضع المناهج، أساليب التدريب، تجهيزات المدارس، وعدم ربط التعليم الفني بالتدريب.

هل تكفي الميزانية المخصصة للتعليم الفني لتحقيق أهدافه؟

في تصوري الميزانية تكفي إذا تم استخدامها على الوجه الأمثل لمدة 5 أو 6 سنوات، في هذه الحالة نستطيع أن نحقق بها ما نريد.

الاتحاد الأفريقي يبني إطارًا قاريًا لمؤهلات التعليم الفني.. ما موقف مصر من هذا الإطار؟

مصر عضو في الاتحاد الأفريقي وملتزمة بكل الاتفاقات التي يوقعها الاتحاد.

هل الشراكة مع أفريقا أكثر فائدة لمصر؟

بالطبع، لدينا فرص كبيرة جدًا خاصة في مجال التعليم الفني مع الأشقاء في أفريقيا بصفة عامة، فالأفارقة يضعون مصر في مقام عالي ولا بد أن نكون على قدر من المسؤولية الملقاه على عاتقنا، واعتقد أن مصر لديها فرصة ذهبية للعودة إلى أفريقيا من خلال بوابة التعليم، والتعليم الفني بشكل خاص.

بالنسبة للإطار القاري لمؤهلات التعليم الفني في أفريقيا، فالاتحاد الأفريقي يبنيه، ومصر تنبي الاطار القومي للمؤهلات، والإطار القومي المصري سيكون جزء من الإطار القاري الإفريقي.

ماذا عن تطوير نظام العمال؟

نظام العمال معروف عالميًا بالتعليم مدى الحياة، وهو نوع من التعليم يتلقاه الطالب بعض الوقت، وعليه أن يستكمل عدد ساعات تعلم معينة يستكملها في أي وقت يريده سواء في عام أو عشرة أعوام، وحين ينتقل إلى الجامعة لا بد أن تكون بها نظام التعليم مدى الحياة كذلك، فالطالب بنظام العمال لا يمكنه أن يستكمل تعليمه مع الطلاب النظاميين لأنه يعمل خلال الدراسة، وهذا ما نحاول أن نصل بنظام العمال إليه في مصر.

ماذا عن تدريب معلمي التعليم الفني؟

لدينا مشكلة كبيرة جدًا في تدريب المعلمين، لأن التدريب لم يكن مخطط، وحاليًا نبني قاعدة بيانات لإعادة تخطيط التدريب، وهذا جزء كبير في عمل الأكاديمية المهنية للمعلمين في الفترة الحالية.

بعض معلمي التعليم الفني يشكون من مراقبتهم الامتحانات تحت تهديد السلاح لتسهيل الغش.. ما تعليقك؟

أي معلم عانى من طلاب التعليم الفني هذا العام، وراقب الامتحانات تحت تهديد السلاح، عليه تقديم شكوى وسأفصل فيها، هاتفي مفتوح طوال الوقت، ولكن لا أريد توجيه الاتهامات للطلاب جزافًا.

هناك اتهامات لطلاب التعليم الفني بتعاطي المخدرات.. هل سيتم تطبيق كشف المخدرات عليهم؟

لا أسمح بهذا الكلام على طلاب التعليم الفني، ولا يجوز وصم التعليم الفني بهذه الصفة دون الثانوية العامة، فهذا الوصم يدمر نفسية الطلاب، وإذا تم تطبيق كشف المخدرات على طلاب التعليم الفني لا بد أن يطبق على طلاب التعليم العام، فتلك الاتهامات لا تصح من الناحية التربوية.

ما تعلقيك على ضعف طلاب التعليم الفني في القراءة والكتابة؟

ليس التعليم الفني فقط، فبعض طلاب الجامعات لا يجيدون القراءة والكتابة، ولكننا إذا نظرنا إلى الواقع العام فإن لدينا 20 مليون طالب في مراحل التعليم المختلفة، إذا وجدنا منهم مليون طالب لا يجيدون القراءة والكتابة فإن النسبة ستكون 5% فقط، ولا يمكن أن يكون عددهم مليون، فلا يجب أن نوصم الناس بهذا الشكل فكل مجتمع بشري به الحسنات والسيئات.

الدروس الخصوصية تمثل مشكلة للتعليم الفني مثل التعليم العام.. ما تعليقك؟

الأزمة في التعليم الفني ليست بالضراوة الموجودة في التعليم العام، ومع ذلك لا أنكر وجود فساد، ولا نستطيع مواجهة كافة المشكلات في وقت واحد وإن قُلت ذلك سأكون كاذبًا، ولكن ما أؤكده أن كل من يُضبط حاليًا بمخالفة يعاقب أشد العقاب، وليس على رأسنا "بطحة" لأي أحد وبالتالي فإن قرارنا من رأسنا، ونطالب كل من في المنظومة مراعاة الله في الطلاب فهذا دورنا وما نتقاضى عليه رواتبنا.

بعض الطلاب يشكون من تطبيق قانون الغياب الذي حولهم لنظام العمال؟

هذا ليس قرار ولكنه قانون منذ عشرات السنين وعدم تطبيقه قبل ذلك ليس مشكلتنا، وأمام الطالب الذي تم فصله التحويل لنظام المنازل، أو إعادة السنة، فالقانون يحرمه من الامتحان ويعتبره راسب، وعليه أن يختار بين إعادة السنة أو التحويل لنظام العمال برغبة والده وبطلب منه، ولكن القانون لا بد أن يطبق.

ماذا عن الغش بامتحانات هذا العام؟

محافظ القاهرة اتصل بوزير التربية والتعليم وأكد له أن امتحانات هذا العام من أهدأ السنوات في امتحانات الدبلومات الفنية، وهذا ما أكده بعض متابعي العملية التعليمية من الإعلاميين وغيرهم، ولا يعني وجود بعض حالات الغش أن نظام الامتحانات غير مستقر، فلدينا نحو 2 مليون طالب في 2000 مدرسة، ومحاولات الغش بين هذا العدد من البشر أمر طبيعي.

وأؤكد أن الصورة السلبية عن الغش في امتحانات التعليم الفني عبارة عن ميراث من السنوات الماضية، وأي شخص لديه معلومة عن وجود غش جماعي أو انفلات عليه أن يبلغنا فورًا فنحن لا نتستر على التسيب ولا نقول إن المنظومة جيدة بنسبة 100%، ولكننا نقول إذا نجحنا في تحقيق الانضباط بنسبة 50 أو 60% فيكون أمر جيد جدًا يمكن أن نبني عليه خلال السنوات القادمة.

وقد اتخذنا هذا العام عدة قرارات من شأنها مواجهة الغش والتسيب، وحملنا كل شخص داخل المنظومة مسؤوليته ليُسأل عنها فيما بعد.

فوجىء طلاب مدرسة "سلطان العويس" بالشرقية بتغيير منهج اللغة الانجليزية يوم الامتحان.. ما تعليقك؟

حتى الآن الأمر في إطار الشكوى، ونتبع في هذه الحالة إجرائين، أولهما: تشكيل لجنة مكونة من رئيس عام الامتحانات، مستشار المادة، موجه المادة، وواضع الأسئلة، وذلك لفحص الشكوى المقدمة من قبل الطلاب بشأن تدريس منهج مختلف عن المنهج الموضوع في خطة الوزارة، ومعرفة هل أدى الطلاب الامتحان، وهل يعلم واضح الأسئلة وجود منهج جديد أم لا.

أما الاجراء الثاني فيتمثل في تصحيح عينة عشوائية من أوراق إجابات الطلاب، لتحديد الأسئلة التي أجابها معظم الطلاب، ليتم توزيع الدرجات الامتحان عليها، واستبعاد الأسئلة التي لم يجب عليها الطلاب.

وفي النهاية للطالب الحق في تقديم الشكوى، ولنا الحق في التحقق منها، والمعيار النهائي هو ألا يقع ضرر على الطالب ولو أجاب جميع الطلاب على سؤال واحد فقط سنخصص جميع درجات الامتحان لهذا السؤال، ويجب أن نلتفت إلى أن امتحان اللغة الانجليزية لا يتأثر كثيرًا بتغيير المنهج، فاختلاف المنهج لا يغير قواعد اللغة.

إذا أردت تقييم التعليم الفني في مصر.. فكم درجة يمكن أن تمنحها له؟

لن أقول تقيمي، ولكن تقييم البنك الدولي، أعطى مصر في مجال التعليم الفني درجتين من أربع درجات، وهذا مُثبت رسميًا، وخلال عامين أو ثلاثة أطمح أن نحصل على 3 من 4، فالدول تحتاج إلى 10 سنوات للانتقال من 2 إلى 3، وهناك دول استغرقت أكثر من ذلك مثل كوريا وماليزيا، ولكن دعينا نكون منطقيين ولا نتعجل النتائج فتطوير التعليم يحتاج إلى وقت.

فيديو قد يعجبك: