إعلان

المنع من السفر.. شباك التقييد تُنسج على الحدود (تقرير)

09:20 ص الثلاثاء 09 فبراير 2016

المنع من السفر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

التحرك والتجول بحرية حق اعتاد الشخص أن يمارسه دون التفكير في أنه ربما يُسلب منه يوما من الأيام، فسواء كان الشخص يتحرك داخل حدود بلاده أو خارجها، زيارة أماكن مختلفة أو الاقتصار على التنقل ما بين العمل والمنزل، لكنه في النهاية لا يجد من يمنعه من ذلك لأي سبب من الأسباب، ولكن عندما أصبح تقييد الحرية في التنقل وتحديدا لأسباب ترجع ربما لآراء سياسية هو الأمر الذي أثار الرأي العام خلال الفترة الأخيرة.

حقوق مكفولة

الدستور في باب الحريات تحديدا المادة 62 يؤكد على أنه يكفل الحرية في التنقل فتنص على أن "حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه، ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة من جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون".

فيما تنص المادة 12 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الصادر عن الأمم المتحدة، ومصر دولة طرف فيه، على أن "لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده". تقييد هذا الحق يجب أن يكون بموجب قانون و"ضروري لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم". لكن هذه القيود "يجب ألا تُلغي مبدأ حرية التنقل وهي محكومة بالحاجة إلى الاتساق مع الحقوق الأخرى المعترف بها في العهد".

حالات متكررة

وخلال عام 2015 كان هناك عدد كبير من حالات المنع من السفر كالمدون محمود عبد الظاهر المدون وعضو حزب الدستور الي تم منعه من السفر في أغسطس الماضي والذي أعلن فيما بعد أنه حتى الآن لا يعرف أسباب منعه، كذلك تم منع الشيخ محمد جبريل في يوليو من العام الماضي من السفر إلى بريطانيا قائلين إن المنع تم بناء على تعليمات من جهات أمنية، وخلال يوليو من نفس العام تم منع الحقوقي محمد لطفي، مدير المفوضية المصري لحقوق الإنسان من السفر إلى ألمانيا حيث كان من المقرر أن يلقي كلمة أمام البرلمان الألماني، حول ما أسماه بـ"انتهاكات حقوق الإنسان" في مصر، موضحا أن سلطات المطار سحبت جواز سفره دون إبداء أسباب واضحة.

وخلال شهر يناير من العام الحالي تم منع الشااعر عمر حاذق من السفر وخضع للتحقيق داخل المطار بعء مصادرة متعلقاته ومن ثم أخبروه أنه ممنوع من السفر لدواع أمنية، فيما يعد منع الحقوقي جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أحدث الوقائع، حيث تم منعه في 4 فبراير الحالي من السفر، حيث أبلغه أمن المطار بذلك ولم يطلعوه على أسباب المنع.

من جانبه، قال جمال عيد، في تدوينه له عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عقب منعه من السفر بدقائق أنه علم بالقرار أثناء وجوده بالمطار قبل المغادرة، وقال "صدر القرار متأخر لكن صدر، تم منعي من السفر وراجع من المطار! دولة القانون".

وأضاف عبر تويتر أيضًا: "لأننا مش حقوقيين ديكور لدولة الاستبداد ،مش حافظ أبو سعدة وداليا زيادة وغيرهم.. عشان بنقول دي دولة بوليسية.. اتمنعت من السفر.. طيب مصر دولة بوليسية".

وفي بيان للشبكة العربية والذي يعد عيد مُديرها، قالت "لم يعد النظام البوليسي في مصر يعير القانون أي اعتبار، فالجيش في الشوارع والسجون تفتح أبوابها وإعلاميي السلطة متأهبين لحملات تشويه أي منتقد ، وحتى إذا كان القرار صادر من جهة قضائية ، فهل بات المنع من السفر أو السجن يتخذ قبل إجراء اي تحقيق أودون ابلاغ المتهم البرئ حتى تثبت ادانته بتفاصيل قضيته أو اسباب هذه الاجراءات ضده؟!”.

اجراء بوليسي

وتسائل عيد "هل سيهتم النائب العام بالتحقيق في هذا الاجراء البوليسي أو عقاب من أصدر قرار منع مواطن من السفر رغم عدم اجراء أي تحقيق معه أو ابلاغه انه متهم بقضية ما، أم تحولت النيابة العامة من سلطة تحقيق وبحث عن الحقيقة إلى سلطة بحث عن إتهام ؟! متى ينتبه القائمون على جهاز العدالة في مصر أن فقدان الثقة في العدالة أكثر خطر يهدد هذا المجتمع".

وأوضحت الشبكة أن حالات المنع من السفر أو المنع من دخول مصر، بات أمرا معتادا ومكررا ، سواء بسبب قرارات قانونية متعسفة وتفتقر لأسباب قضائية جادة ، او كاجراء بوليسي في ظل حالة الافلات من العقاب المتفشية في مصر، مؤكدة أن هكذا اجراءات لن تجعلها تتراجع عن تمسكها وإصرارها على فضح هذه الانتهاكات واستمرارها في العمل حتى تصبح مصر دولة سيادة القانون ، او حتى تغلقها السلطات المصرية أو تسجن اعضائها سواء باجراءات ادارية أو بوليسية مغلفة بالقانون أو متجاهلة له.

وفي تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش في العام الماضي قالت إن السلطات المصرية منعت بلا سند قانوني العشرات من المواطنين من السفر خارج البلاد طوال العام الماضي. وذلك مع تزايد إجراءات التضييق والترهيب من قِبل أجهزة الأمن، بما يشمل مصادرة جوازات السفر، مضيفة أنه على السلطات المصرية إنهاء هذه القيود غير القضائية، وأن تتيح للمواطنين سُبل الطعن في قرارات منع السفر وتعيد إليهم جوازات سفرهم.

وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "لقد سجنت السلطات المصرية آلاف المعارضين العامين الماضيين وهي الآن تحوّل حدود البلاد، في الواقع، إلى أسوار سجنٍ، الانعدام الكامل لأي رقابة على سلطة الأمن الوطني يعني ترك المواطنين دون أي خيار".

زنزانة جماعية

وقالت منظمات حقوقية في بيان لها، إن المنع من السفر ليس الانتهاك الوحيد الذي ينال المسافرين من النشطاء السياسيين والحقوقيين، فقد تكرر تعرض بعضهم للتحقيق لساعات داخل المطار، قبل السماح لهم بالسفر، فضلًا عن تفتيش حقائبهم ومقتنيات بعضهم الإلكترونية دون إبداء أسباب وبدون إذن قضائي، أو استجوابهم حول رحلاتهم والفعاليات التي شاركوا فيها بمجرد عودتهم من السفر، بحسبها.

وتابعت أن هذه القرارات والتضييقات تأتي في أعقاب حملات شرسة تشنها أجهزة الدولة بهدف غلق المجال العام، وقمع المجتمع المدني والعاملين فيه، بدءً من 10 نوفمبر2014، وقرار وزارة التضامن بإلزام جميع الكيانات العاملة بالمجتمع المدني التسجيل تحت قانون معيب يصادر حرية التنظيم، مرورًا بالتلويح المستمر بتوظيف "قضية التمويل الأجنبي" التي ترجع لعام 2011، للانتقام من المنظمات، وهي القضية التي تتضمن اتهامات وادعاءات خطيرة وصلت لحد الخيانة العظمى وتلقي تمويلات أجنبية بغرض تنفيذ أجندات أجنبية لنشر الفوضى، بالإضافة إلى حملات اقتحام وتفتيش عشرات المنازل بمحيط وسط المدينة لضمان "عدم وجود مُتنفس للنشطاء" قبل الذكري الخامسة لثورة يناير، والقبض علي عدد من الشباب بتهم "الترويج للتظاهر"، وغلق عدد من المؤسسات الثقافية المصرية.

ويقول حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن أغلب اجراءات المنع من السفر التي تمت الفترة الأخيرة للنشطاء والحقوقيين تمت دون توجيه اتهام واضح.

وأضاف أن الأسباب القانونية للمنع من السفر تتبع قانون الإجراءات الجنائية لأنه إجراء من ضمن اجراءات التحقيق إذا كان هناك تحقيق جنائي، فيكون هناك خشية من الهروب أو عدم حضور الشخص لجلسات التحقيق فيتم منعه من السفر.

ويتابع "هو بالطبع اجراء احترازي لا يجوز التوسع فيه إلا لو كان هناك أسباب موضوعية، أما المنع دون تحقيق جنائي من النيابة أو قاضي التحقيق ليس قانونيا لأن هذا الإجراء يتم بعد توجيه اتهام".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان