إعلان

على حطام الطائرة الروسية.. ناقوس الخطر يدق: السياحة إلى أين؟

08:38 م السبت 07 نوفمبر 2015

تقرير- أحمد عمار:

''الوضع يدق ناقوس الخطر، وينذر بكارثة على القطاع السياحي بالكامل إن لم تتحرك الحكومة'' هكذا علق العاملين بالقطاع السياحي على الوضح الحالي الذي تشهد مصر من قيام روسيا وبريطانيا بسحب رعياهم بعد سقوط الطائرة الروسية، -الحدث العالمي الأبرز حاليًا.

ومالبث القطاع السياحي أن يتعافى من عثرته التي يعاني منها منذ ثورة يناير 2011 حتى تلقى ضربة قوية بعد فاجعة سقوط الطائرة الروسية التي راح ضحيتها 224 شخصًا.

وتعد السياحة أكثر قطاعات الاقتصاد المصري الذي تعرضت لضربات عنيفة خلال الأربع السنوات الماضية منذ ثورة يناير 2011، فعلى الرغم من محاولات الحكومات المتعاقبة منذ الثورة على إعادة النشاط للقطاع الذي تدهور بشكل كبير إلا أن معدلات السياحة لم ترتفع بالشكل المطلوب كما كان في عهدها السابق.

أرقام

ارتفعت إيرادات السياحة خلال العام المالي الماضي لتسجل نحو 5.5 مليارات دولار -الفترة منذ يوليو 2014 حتى نهاية يونيو 2015- مقابل 3.4 مليار دولار خلال العام المالي السابق له، لزيادة عدد الليالي السياحية بمعدل 43.4 بالمئة لتصل إلى 73.4 مليون ليلة مقابل 51.2 مليون ليلة.

ولم يستطع قطاع السياحة حتى الآن أن يسجل معدلات ماقبل 2011، ولكن ارتفع عدد السائحين خلال النصف الأول من العام الحالي بشكل نسبي، حيث استقبلت مصر نحو 4,8 مليون سائح منذ يناير إلى يونيو الماضي، مقابل4,4 مليون سائح خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وبلغت إيرادات السياحة من الدولار خلال أول 6 أشهر من العام الحالي نحو 3.3 مليار دولار، وتصدر السياح الروس أكثر الدول إيفادًا إلى مصر خلال الفترة.

وجدير بالذكر، أنه منذ 2011 حتى 2014، تصدر 2012 أكثر الأعوام التي استقبلت فيه مصر سائحين، حيث بلغوا خلال العام نحو 11.5 مليون سائح مقابل نحو 9.9 مليون سائح في 2014.

وكان عام 2010 يعد الأكثر نشاطًا للسياحة في مصر حيث اسقبلت نحو 14.7 مليون سائح، مقابل نحو 8.6 مليون سائح في 2005، ولكن مع ثورة يناير استقبلت مصر في عام الثورة 2011 نحو 9.8 مليون سائح.

وأكد وزير السياحة هشام زعزوع، إن استراتيجية الوزارة الحالية تعمل على تحقيق ٢٠ مليون سائح عام ٢٠٢٠ وتحقيق عائدات ٢٠ مليار دولار، متوقعًا زيادة تقدر بـ ١٥ -٢٠ بالمئة في أعداد السائحين الوافدين سنويًا للوصول لهذا المستهدف.

ناقوس الخطر

وقال عماري عبد العظيم، رئيس شعبة شركات السياحة والطيران بالغرفة التجارية للقاهرة، ''الوضع يدق ناقوس الخطر على القطاع السياحي بالكامل، لابد من التحرك لمواجهة الأزمة من خلال توجيه حملات ترويجية إلى المناطق السياحية الأخرى في مصر كالأقصر وأسوان والغردقة، ووضع برامج سياحية جديدة بعيدة عن شرم الشيخ بشكل مؤقت التي تعد بؤرة حدث عالمي الآن، فما تشهده مصر مؤامرة عليها حيث أن انهيار السياحة انهيار مستقبل مصر''.

وأضاف عماري، خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، ''منطقة شرم الشيخ الآن أصبحت منطقة ملتهبة وحدث عالمي، والدول استقبت نتائح التحقيقات، كما اتجهت روسيا إلى سحب السياح من مصر نتيجة وجود ضغط رأي عام لديها، ولذلك لابد من العمل على إدارة الأزمة بشكل سليم من خلال تنويع البرامج السياحية والتركيز على مناطق أخرى وإلقاء الضوء عليها كالغردقة ومطروح والأقصر وأسوان''.

وأوضح أن نسبة الاشغالات بشرم الشيخ تتراوح مابين 60 إلى 70 بالمئة، وكان هناك أمل أن تتحسن بشكل أفضل من ذلك خلال احتفالات الكريسماس في رأس السنة الميلادية الجديدة، ''ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن''-حسبما قال.

وتصدر قطاع السياحة المركز الثاني فيما يتعلق أكثر القطاعات المحركة لمعدلات نمو الاقتصاد المصري خلال النصف الأول من العام المالي الماضي (2014-2015)، حيث ساهم القطاع -بسحب بيانات للمالية- في معدل نمو الناتج المحلي لمصر بنسبة 1.2 نقطة مئوية خلال النصف الأول من العام المالي الماضي الفترة منذ بداية يوليو 2014 حتى نهاية ديسمبر الماضي، مقارنة بمساهمة سلبية بنحو 1 نقطة مؤية خلال نفس الفترة من العام المالي السابق له.

وتشير بيانات للمالية أن قطاع السياحة سجل تحولًا ملحوظًا بتحقيق معدل نمو حقيقي يقدر بنحو 52.7 بالمئة خلال يوليو 2014 حتى ديسمبر الماضي، مقارنة بنفس الفترة من (2013-2014).

وعن دعوة الحكومة المصريين إلى أن تكون مدن شرم الشيخ وطابا ورأس محمد والإسكندرية والغردقة والأقصر وأسوان هي وجتهم، قال عماري ''البديل الوحيد لتنشيط السياحة في شرم الشيخ حتى ''لاتمت'' هو جذب السائح المصري والعربي إليها، ماتشهده مصر الآن مؤامرة عليها، حيث تمتلك مصر مقومات سياحية غير موجودة في أي بلاد بالعالم''.

وكانت دعت نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة ورعاية شئون المصريين في الخارج، كافة أبناء الوطن خارج مصر، بأن تكون مدن شرم الشيخ وطابا ورأس محمد والإسكندرية والغردقة والأقصر وأسوان، هي وجتهم الوحيدة لقضاء عطلة نهاية العام.

وأرجعت الوزيرة دعوتها للمصريين بالخارج إلى أزمة حادث الطائرة الروسية وتأثيره البالغ على السياحة التي لازالت تتعافى من عثرتها، قائلة "دعونا نضرب المثل أمام شعوب العالم في تكافل المصريين ووحدتهم".

ومن جانبه، أكد اللواء بحري محمود عبد الخالق، مدير مارينا اليخوت في مدينة شر الشيخ في تصريحات سابقة لمصراوي، أن الحركة السياحية فى مدينة شرم الشيخ لم تتأثر بعد بالقرارات الأوربية الخاصة بتعليق السفر إلى مصر، لافتا إلى أنه متوقع أن تتأثر السوق السياحية خلال الأيام المقبلة خاصة بعد القرار الروسى الأخير، الذيى علّق السفر إلى مدينة شرم الشيخ.

تصاعد الأزمة

وعلى الرغم من عدم صدور التقرير النهائي لحادثة الطائرة الروسية، إلا أن بعض الدول استبقت النتائج وأعلنت أن الطائرة وقعت من خلال انفجار قنبلة، واتجهت إلى سحب مواطنيها من مصر كبريطانيا، كما اتجهت روسيا إلى اتخاذ نفس الموقف وسط تضارب التصاريح الروسية.

وعلقت حكومة ديفيد كاميرون الرحلات بين شرم الشيخ وبريطانيا، مؤكدة أن التأجيلات جاءت كـ"إجراء احترازي" بعد الكشف عن مزيد من المعلومات، كما قامت بإجلاء رعايها من شرم الشيخ حيث بدأت شركات الطيران البريطانية في إعادة السياح البريطانيين المتواجدين في شرم الشيخ منذ أمس الجمعة.

كما وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على تعليق الرحلات الجوية الروسية إلى مصر، ووضع آلية لإعادة الروس، حيث أعلن رئيس هيئة الطيران الروسية، ألكسندر نيرادكو أمس الجمعة، أن الهيئة بدأت بالعمل على تعليق الرحلات الجوية إلى مصر.

كما قررت العديد من شركات الطيرن وقف تحليقهما فوق منطقة سيناء حتى إشعار آخر، حيث قررت شركتا اير فرانس الفرنسية ولوفتهانزا الألمانية وقف تحليقهما فوق منطقة سيناء.

واتجهت شركات طيران خليجية كذلك إلى اتخاذ نفس الموقف،-وبحسب وكالة رويترز للأنباء- قالت معظم شركات طيران منطقة الخليج إنها ستغير مسارات رحلاتها لتحاشي التحليق فوق شبه جزيرة سيناء بعد مقتل 224 شخصا في تحطم طائرة روسية.

وقالت شركات طيران من دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت إنها ستغير مسار رحلاتها كإحتياط أمني إلى أن يصبح هناك وضوح أكثر، بينما قالت شركة الاتحاد للطيران في أبو ظبي إنها ستواصل الطيران فوق سيناء ولكنها ستتجنب مناطق معينة بناء على نصيحة السلطات المصرية.

ومن جانبه، أعرب زعزوع عن أسفه من قيام بعض الدول بتعليق رحلاتها إلى شرم الشيخ، مشدداً على أن الحكومة المصرية لا تدخرا جهدًا فى تأمين المطارات والمقاصد السياحية وأنه دائمًا ما تتم مراجعة التدابير والاجراءات الأمنية بما يضمن رفع الكفاءة الأمنية.

وطالب زعزوع بضرورة عدم استباق نتائج التحقيقات بشأن حادث الطائرة الروسية المنكوبة لحين انتهاء اللجان المشكلة من أعمالها.

عاملون مهددون بالتشرد

وأكد رئيس شعبة شركات السياحة والطيران بالغرفة التجارية للقاهرة، أن الاحصائيات تشير إلى أن هناك نحو 14 مليون مصري يعملون بالقطاع السياحي بطريقة مباشرة وغير مباشر، منهم 4 مليون يعملون بطريقة مباشرة، مهددين بسبب مايحدث الآن وإن لم تتحرك الحكومة بشكل سليم لإدارة الأزمة الحالية يعني ذلك تشرد نحو 2 مليون عامل بالقطاع.

وعن الرجوع إلى نفس أوضاع 2011، اعتبر ''عماري'' أن الظروف مختلفة ولن يتأثر القطاع السياحي بنفس الدرجة الذي تأثر بها خلال الثورة، قائلًا: ''السياحة قد تمرض ولكن لاتموت، والظروف حاليًا مختلفة عما شهدته مصر في 2011، وعلى الحكومة تغير الوجهة والتركيز على مناطق أخرى بشكل مؤقت حتى اتهاء الأزمة الحالية''.

وأكد هشام زعزوع وزير السياحة، بعد سقوط الطائرة الروسية، أن المقاصد السياحية في مصر آمنة وليس هناك ما يدعو لتخوف السائحين، مضيفاً انه بالنسبة للشركات ‎التي تعمل مع السوق الانجليزي كان هناك نمو من العام الماضي إلى العام الحالي.

النقد الأجنبي

ويمثل قطاع السياحة أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في مصر، الذي تدهور أيضا منذ 2011.

ومن جانبه، اعتبر جلال جوادي، مدير الرقابة على النقد بالبنك المركزي سابقا، أن تأثير الأحداث الحالية التي يشهدا القطاع السياحي، سيكون له تأثير سلبي على احتياطي النقد الأجنبي، ولكنه ليس بالشكل المميت، حيث أن التأثير الأكبر هو يأتي من إجمالي واردات النقد الأجنبي واستخدماته.

وأوضح ''جوادي'' خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن احتياطي النقد الأجنبي هو عبارة عن إجمالي فائض موارد واستخدامات الجهاز المصرفي في السوق الحر، ولا نستطيع تجزئته إلى مورد واحد فقط.

وقال إن قطاع السياحة ليس المورد الرئيسي أو الأعلى نسبة للنقد الأجنبي في مصر، مبينًا أن دخل قناة السويس والصادرات المصرية لهما الأولية في تكوين احتياطي النقد الأجنبي، ثم تحويلات المصريين في الخارج والسياحة.

وأضاف أن قطاع السياحة معروف دائمًا بتذبذبه صعودًا وهبوطًا حسب الأوضاع السياسية والأمنية، متوقعًا أنه لن يحدث انقطاع كامل للمورد السياحي للنقد الأجنبي، حيث قال ''هناك أزمة بسبب الطائرة الروسية وعودة السياح الروس أكبر الوافدين إلى مصر لبلادهم لا يعني انقطاع السياح القادمون من دول أخرى كالصين والهند ودول أوروبا وغيرهم''.

وسجل صافي احتياطات مصر من النقد الأجنبي نحو 16.415 مليار دولار بنهاية شهر أكتوبر، مقابل نحو 16.335 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر الماضي.

وكان احتياطي النقد الأجنبي لمصر انخفض خلال سبتمبر الماضي بنحو 1.761 مليار دولار وهي أكبر خسارة شهرية منذ يناير 2012 والتي بلغت 1.765 مليار دولار.

ويذكر أن آخر ارتفاع للاحتياطي كان في شهر يونيو الماضي حيث ارتفع بقيمة 522 مليون دولار ليصل إلى 20.082 مليار دولار بنهاية يونيو مقابل 19.560 مليار دولار بنهاية مايو الماضي.

فيديو قد يعجبك: