إعلان

مسرحية تراجيدية يونانية تعطي أملا للاجئات سوريات

10:42 ص الإثنين 06 يوليه 2015

تراوحت أعمار المشاركات في مسرحية "انتيغون شاتيلا"

لندن (بي بي سي)

أفضت الحرب الأهلية السورية إلى لجوء نحو 4 ملايين شخص إلى دول أخرى، أغلبهم فقد أحد أقاربه في الصراع. وقد وجدت مجموعة من السيدات بأحد مخيمات اللاجئين في مسرحية تراجيدية يونانية قديمة ما قد يخفف عليهن محنتهن.

قرأت مسرحية "أنتيغون" قبل أسابيع من ذهابي إلى بيروت، كما أجريت حوارا مع الممثلة الفرنسية الفائزة بجائزة أوسكار جوليت بينوش أثناء تدريبها على انتاج جديد للمسرحية في لندن.

وتحكي أنتيغون، لمن لا يعرفون أحداثها، قصة شابة مزقت الحرب الأهلية مدينتها. وظلت جثة شقيقها، الذي مات خلال معركة، ملقاة أمام الأسوار، وهي تريد أن تدفنها.

لكنه كان يقاتل مع الجانب الخاسر في المعركة، وتركت جثته حتى تعفنت كعبرة للآخرين. وإذا عارضت أنتيغون قرار الملك ودفنت جثمان أخيها، فقد تواجه القتل أيضا.

ومالت بعض المدافعات عن حقوق المرأة إلى أنتيغون لأنها شابة تتحدى السلطة الذكورية.

لكن جوليت بينوش تعتقد أن أنتيغون ترتبط بنا جميعا بصورة أعمق، الرجل والمرأة، بغض النظر عن العرق أو المعتقد الديني، فنحن جميعا نريد أن ندفن أحبابنا.

لم يدر بخلدي أنه بعد ذلك بأسابيع سأجلس في حجرة في بيروت لأشاهد مجموعة من نحو 30 من اللاجئات السوريات يؤدين أدوار نفس المسرحية.

تراوحت أعمار المشاركات بين أوائل العشرينيات إلى أواخر الخمسينيات.

2

جوليت بينوش في دور "أنتيغون"

"مناسبة للعرض؟"

معظم الممثلات من الأمهات، والكثير منهن أرامل، يلبسن عباءات سوداء ويغطين رؤوسهن دون الوجه، كما ترتدي شابات أخريات سراويل جينز تحت العباءات السوداء وبعضهن ينتعل أحذية بكعوب عالية.

لم تخض أي منهن بتجربة التمثيل من قبل، بل لم تشاهدن أي عمل مسرحي، وفي الواقع، كانت هذه النسوة بالكاد يغادرن منازلهن ومع ذلك، فقد تفوق أدائهن على جوليت بينوش.

وسألتهن بعد ذلك نفس السؤال الذي سألته للممثلة الفرنسية، لماذا يعتقدن أن هذه المسرحية اليونانية لا تزال مناسبة حتى يومنا هذا؟

ردت إحداهن، وهي تُدعى منتهى: "لقد عشت هذه القصة"، وضربت يدها على صدرها عدة مرات للتأكيد.

وأضافت :"أعتقل النظام في سوريا شقيقي علي. وأعتقد أنه توفي وأردت أن أدفنه لكني لم أستطع. ولا أعرف مكان جثته".

واختنق صوت منتهى، واغرورقت عيناها بالدموع.

3

وأطلقت على المسرحية اسم "انتيغون شاتيلا" نسبة للمخيم الذي تعتبره حاليا هؤلاء السيدات وطنا لهن.

بُني مخيم شاتيلا، الذي يقع في وسط بيروت، في عام 1948 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين، وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية تضاعف عدد سكان المخيم.

وتشير تقديرات إلى أن ربع سكان لبنان لاجئون سوريون.

شوارع مخيم شاتيلا مظلمة وضيقة، وعلى كل جدار أو مصباح تجد ملصقا لصورة أحد الشهداء.

حتى اسم هذا المخيم يعود إلى ذكر مذبحة حدثت عام 1982 للاجئين فلسطينيين على يد كتائب ميليشيا مسيحية تدعمها اسرائيل.

وتمتلئ أرض المخيم بالقمامة، كما تتدلى أعشاش الطيور من أسلاك الكهرباء.

وفي مركز بسمة وزيتونة الاجتماعي أخبروني بقصة أرملة فرت من سوريا مع أطفالها ورأت أحدهم يموت صعقا بالكهرباء في المخيم.

ومسرحية "أنتيغون في شاتيلا" من إنتاج مخرج مسرحي معروف وكاتب مسرحي من دمشق، كلاهما من اللاجئين. والكاتب تتبع قصص السيدات ووظفها بحيث تتناسب مع سياق النص اليوناني.

4

"مآسي عبر التاريخ"

وتمول منظمة الأمم المتحدة للطفولة والمركز الثقافي البريطاني المشروع الدرامي، وسألت مجموعة من السيدات السوريات عن إذا كان من الصواب إنفاق الأموال على المشروعات الدرامية في ظل وجود حاجات ملحة وشديدة مثل الغذاء والمأوى والكهرباء والمدارس؟

سارعت منتهى بالرد: "نحتاج إلى ذلك. هل تعلمون كيف نشعر جميعا بالوحدة والإحباط؟ هؤلاء النسوة فقدن كل شئ، فقدن منازلهن وأزواجهن وبعضهن فقدن أولادهن."

وقالت فدوى: "قبل أن نقدم قصة أنتيغون، كنا نشعر بالوحدة. ثم أدركنا أن هذه المآسي تحدث عبر التاريخ، وهي تعطينا الشجاعة لكي نتحدث. معا نشعر بالقوة وبثقة أكبر."

ويرغب المخرج في نقل عمله في جولة أوروبية. وهو يتمتع بدعم من المركز الثقافي البريطاني والمعهد الثقافي الفرنسي ودعوات من مهرجانات ومسارح في كلا البلدين.

لكن الجميع يتفقون على أنه من غير المرجح أن يحدث ذلك لأن السيدات لن يحصلن على تأشيرات سفر.

5

وتقول ولاء، وهي شابة جميلة تربت في مخيم فلسطيني في دمشق، إنها ترغب في أن تصبح ممثلة محترفة.

"زوجي سريع الغضب"، هذا ما قالته شابة تزوجت وهي في عمر 14 عاما.

وأضافت: "عملي في هذه المسرحية جعله أكثر غضبا. ورفض أن يحضر ويراها، لكني لا أكترث لذلك."

وارتسمت على وجهها ابتسامة تحدي مستمدة من أنتيغون، الشابة الشجاعة التي تحدت ملكها.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: