إعلان

الاتفاق النووي مع إيران: الثقة أصعب التحديات

08:31 م الأحد 05 يوليه 2015

صورة التقطت بعد ساعة من إسقاط القنبلة النووية على

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

 

لندن (بي بي سي)

نقترب سريعا من الذكرى السبعين لإسقاط أول قنبلة نووية على مدينة هيروشيما اليابانية في السادس من أغسطس عام 1945.

 

تغير العالم في هذا التاريخ، ويقال إن التأثيرات المروعة لإسقاط هذه القنبلة، التي تمثل أول هجوم ذري عرفته البشرية، والهجوم الذي تلاه على ناغاساكي لعب دورا كبيرا في الإصرار الدولي على منع استخدام الأسلحة الأكثر تدميرا والتي جرى تطويرها لاحقا.

وبالعودة إلى هذه الفترة، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تمتلك "هذه القنبلة"، أي القنبلة النووية.

بدأت الأسلحة النووية في الانتشار منذ ذلك الحين، أولا إلى روسيا ثم بريطانيا وفرنسا والصين وبعدها إلى إسرائيل (رغم أنه لم يعلن عن ذلك رسميا على الإطلاق) والهند وباكستان وكوريا الشمالية.

وبدت القوى الكبرى إما غير قادرة أو غير راغبة في منع هذا الانتشار باستثناء الآن على ما يبدو في حالة طهران.

وبعثت المحادثات الدولية في فيينا بإشارات متضاربة بهدف إنهاء جميع أشكال العداء بين القوى العالمية الكبرى وإيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل بشكل كبير، وهناك حديث عن انهيار للمحادثات وانفراجة محتملة في آن واحد.

إذا، لماذا يعتبر منع إيران من امتلاك سلاح نووي بهذه الأهمية؟

توجهت بهذا السؤال إلى جون ساورس كبير مفاوضي بريطانيا في الملف النووي الإيراني من عام 2003 وحتى 2007 وأصبح بعد ذلك مندوب بريطانيا لدى مجلس الأمن الدولي حينما تقرر فرض عقوبات على إيران.

وقال ساورس ردا على سؤالي: "إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فإنها ستغير من الدينامية في أنحاء الشرق الأوسط. ذلك سيجعلها (إيران) محصنة ضد أي رد على سلوكها غير المقبول في المنطقة".

2

خارج مقر الفندق الذي تجرى فيه المفاوضات في فيينا

احتمالات السلام

لكنه أضاف في حديثه لي: "إذا جرى التوصل لاتفاق، فإن ذلك في المقام الأول سيمنح الجميع تطمينات أكبر بكثير من أن إيران لن تهرع إلى امتلاك أسلحة نووية. إنه يفتح الطريق أمام تقارب إيران وجيرانها العرب وتطوير علاقة طبيعية أكثر".

وتابع: "في هذه اللحظة تعصف بالشرق الأوسط نزاعات العديد منها على أساس (طائفي) بين السنة والشيعة وإذا استطعنا أن نوجد إمكانية بحيث يمكن للسعوديين والإيرانيين التحدث لبعضهما البعض وليس انطلاقا من حالة العداء المستمرة، فإنه حينئذ سيكون هناك إمكانية لإيجاد وضع مختلف في الشرق الأوسط".

ليست حادثة إسقاط القنبلة النووية في أغسطس عام 1945 هي التي تلقي بظلال كثيفة على المفاوضات مع إيران.

والأحداث التي شهدتها إيران نفسها في فبراير عام 1979 وكل شيء تبعها بعد ذلك قد تساعد في إلقاء الضوء على سنوات من حالة الشك والعداء التام بين طهران وواشنطن، والتي سيخفف منها كثيرا التوصل لاتفاق نووي.

وترمز العودة المظفرة لآية الله الخميني إلى طهران في الأول من فبراير عام 1979 من منفاه في باريس لتولي السلطة كمرشد أعلى للثورة الإسلامية إلى اللحظة التي فقدت فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها السيطرة على إيران بسقوط الشاه.

وانتهت سنوات التدخل الغربي الصارخ في إيران.

ورثت القيادة الدينية الجديدة في إيران بعد الثورة برنامجا للأبحاث النووية، لكنها نفت باستمرار العمل على توسيعه بهدف تصنيع "قنبلة نووية".

3

آية الله الخميني عاد إلى إيران بعد أن عاش في المنفى 15 عاما

لكن القوى الكبرى لم تقبل بذلك مطلقا، وأشارت في المقابل إلى أن جميع الجهود التي تبذلها إيران لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب بهذه الكميات يمكن أن يكون مطلوبا فقط من أجل تصنيع أسلحة بالإضافة إلى السرية والإخفاء المزعوم لكثير من الأنشطة المحظورة بشكل محدد بموجب اتفاقية منع الانتشار النووي الموقعة عليها إيران.

وبعد سنوات من الضغوط على إيران من خلال العقوبات والمفاوضات للتحرك قدما، وصلت إيران والقوى الكبرى إلى نقطة قد يكون من المحتمل عندها التوصل لاتفاق.

تحدثت إلى اريان طبطابي الأستاذة بجامعة جورج تاون الأمريكية، الموجودة في فيينا كما هو الحال معي لمتابعة المفاوضات التي يفترض أن تشهد المرحلة الأخيرة في هذا النزاع.

 

وقت التوصل لاتفاق

قالت لي طبطابي: "في نهاية الأمر فإن المفاوضات تتعلق بالتأكد من أن برنامج إيران النووي سيظل سلميا، ولتحقيق ذلك فإنها بحاجة لتقديم مجموعة من التطمينات وهذا سيعني أن تخفض إيران من بعض أنشطتها النووية".

 

وأضافت "سيكون على إيران اظهار المزيد من الشفافية للوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من أن كل شيء يخضع بشكل جوهري لمراقبة مستمرة مع تعزيز الدخول إلى منشآتها حتى يتسنى للمجتمع الدولي التحقق من أن إيران ستفي بالتزاماتها حتى الآن".

وهذا يقودنا إلى سؤال آخر لم نجد له إجابة وهو هل القيادة الإيرانية مستعدة لإبرام صفقة بالفعل؟

قد تكون القيادة الإيرانية مستعدة لذلك جزئيا من أجل إرضاء الإيرانيين الذين سئموا العقوبات التي تخنق اقتصادهم وترمز إلى عزلتهم عن عالم يتطور بسرعة ويتوقون إلى أن يكونوا جزءا منه.

أشار البروفيسور علي الأنصاري المؤرخ في شؤون إيران بجامعة سانت اندروز البريطانية إلى طموح آخر وهو استعادة بعض الاحترام الدولي الذي ترى طهران أنها جديرة به.

وقال: "ما يسعى إليه الإيرانيون هو قدر من الاحترام كدولة ترى نفسها قوى كبيرة، بالتأكيد في المنطقة، وهي (إيران) لم تشهد فترة جيدة في القرن الماضي أو ما يقرب من ذلك".

وأضاف: "الفخر الحقيقي والإنجاز هو أنهم طوروا ما اعتبروه صناعة نووية محلية. أحد الآراء التي قالها البعض هو أنه لا يمكن لحكومة إسلامية تحقيق تقدم علمي. حسنا بالنسبة للإيرانيين، كما تعلم، فإن ذلك دليل على أن ذلك ممكن بالفعل إذا وضعوا ذلك نصب أعينه".

4

منشأة آراك المثيرة للجدل التي تنتج الماء الثقيل عام 2004

شكوك

وقال البروفيسور الأنصاري إنه من غير المؤكد أنه سيتم التوصل لاتفاق وحتى في حال التوصل لاتفاق، فهناك شكوك في أنه قد يصمد.

 

أما جون ساورس، من خلال مفاوضاته مع إيران التي استمرت لسنوات، كان واضحا: "حينما تشتري سجادة في إيران، فإنه يجب عليك شراء اثنتين أو ثلاثة أخرى".

وأضاف: "تشعر أحيانا بأن هذا هو الأمر ذاته في المفاوضات النووية أيضا. هناك مقولة إيرانية بأن التفاوض الحقيقي يبدأ فقط بمجرد التوقيع على الاتفاق. إنهم سيأتون (للتفاوض) من أجل المزيد، وحتى إذا حصلنا على اتفاق، فإن هذا لا يعني "السلام في عصرنا".

ولذا فإن حالة الشك بين الجانبين لا تزال قوية.

ومهما يحدث خلال الأيام القليلة القادمة، فإن بناء وتعزيز الثقة بين إيران والقوى الدولية الكبرى خاصة الولايات المتحدة يظل أقوى التحديات على الإطلاق.

آية الله الخميني عاد إلى إيران بعد أن عاش في المنفى 15 عاما

 

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: