إعلان

هل الاستيقاظ مبكرا يجعلك شخصا أكثر إنتاجية في عملك؟

08:45 ص الجمعة 31 أكتوبر 2014

من يستيقظون مبكرا يكونون على الأرجح أكثر إنتاجية و

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بي بي سي:

كغيره من الكثيرين، لا يمكن لدينيس براير أن يختزل يوم عمله في ثماني ساعات فقط.

اعتاد براير، وهو مواطن أمريكي يقيم في شيكاغو ويعمل مديرا في إدارة الموارد، على العمل الإضافي لوقت متأخر من الليل، ما بين الساعة العاشرة مساءً والواحدة بعد منتصف الليل، للرد على رسائل البريد الإلكتروني والإنتهاء تماما من أعمال ذلك اليوم.

يخلد براير إلى النوم في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ويستيقظ من نومه في الساعة السابعة والنصف صباحاً.

ولكونه أباً لأربعة أطفال أقل من الخامسة من العمر، فقد بدأ براير يشعر باطراد بصعوبة العمل في وقت متأخر من الليل. وإذا تمكن من بدء يومه مبكراً، فانه يعتقد أنه لن يتمكن فقط من استعادة بعضٍ من تلك الانتاجية التي فقدها، بل أيضا تحقيق المزيد من النجاح.

وقال إن "الناجحين من الناس، أساساً، يستيقظون وقت الفجر. أردت ان أختبر الأمر. بعد العمل طوال اليوم بالكامل، لم أود أن أرغب في العمل ليلاً بعد الآن". بحسب قوله.

توصل تقرير لجامعة تكساس في عام 2008 إلى أن الطلبة الذين يستيقظون مبكراً يحصلون على معدل عام 3.5 مقابل 2.5 للأشخاص الذين ينامون في وقت متأخر. في نفس تلك السنة، توصل أستاذ في الجامعة الالمانية للتعليم في هايدلبرغ إلى أن الذين يستيقظون مبكراً بين الخامسة والسادسة صباحاً، هم أكثر نشاطا وانتاجية من زملائهم الذين يظلون مستيقظين حتى أوقات متأخرة من الليل، فهم أفضل في توقع المشاكل التي قد تحدث ويحصل أغلبهم على وظائف أفضل.

ووجدت دراسات أخرى أنه بالرغم من أن الأشخاص الذين يعتادون السهر حتى وقت متأخر من الليل يكونون أكثر ابتكاراً وعلى الأغلب أكثر ذكاءً، إلا أن زملاءهم الذين يحرصون على الاستيقاظ في وقت مبكر من الصباح يكونون أكثر تفاؤلاً وينجزون أعمالهم وفق ما يمليه ضميرهم.

كما يقول العديد من رؤساء الشركات التنفيذيين الناجحين إنهم ممن يستيقظون مبكراً. يقول جيف ايميلت، الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك وجاك دورسي المؤسس المشارك لشركة تويتر التي تدير الموقع الاجتماعي الشهير، إنهما يستيقظان في الخامسة والنصف صباحاً...أمام المدير العام التنفيذي لشركة بيبسي كولا إندرا نويي، وتيم كووك، المدير العام التنفيذي لشركة آبل، يستيقظان قرابة الساعة الرابعة والنصف صباحاً. أما فيتّوريو كولاو، المدير العام التنفيذي لمجموعة فودافون فهو يستيقظ في السادسة صباحاً... وتشمل القائمة آخرين كثيرين.

ولذا فإنه من الناحية النظرية فإن الأشخاص الذين يعتادون على السهر لوقت متأخر ويغيرون من نمط حياتهم للاستيقاظ مبكرا من المفترض أن يكونوا أكثر نجاحاً. ولكن، هل تستطيع حقاً ان تولد الرغبة في نفسك لكي تكون كذلك – أو أن تدرّب نفسك- لكي تصبح شخصاً صباحياً؟

الاختبار الكبير

حاول جورج بيرجس، وهو مدير تنفيذي لشركة "غوجيمو" ويبلغ من العمر 22 عاما ويقيم في لندن، أن يغير نمط حياته للاستيقاظ مبكرا لكنه فشل في ذلك.

حاول بيرجس جهده في الأمر وبكل جدية، معتقداً أنه قد يصبح شخصا أكثر إنتاجية اذا ما استيقظ في وقت مبكر. كان يعتاد الذهاب إلى فراشه بين منتصف الليل والثانية صباحا. كان يعتقد أنه إذا تمكّن من تغيير ذلك لينام مبكرا ما بين ساعتين أو أربع ، فإنه سيصبح قادرا على الاستيقاظ في السادسة صباحاً بدلاً من وقته الاعتيادي، بعد الثامنة.

كان الأمر مثمرا في البداية. وبدأ بيرجس هذه التجربة بعد رحلة مرهقة بالطائرة من لندن إلى ستانفورد، بكاليفورنيا بالولايات المتحدة حيث كان يحضر دروس في الجامعة، وقد ساعده فرق التوقيت في الاستيقاظ مبكراً. وبعدها، بدأ يذهب الى فراش النوم في العاشرة من كل ليلة.

وباستخدام المنبه، كان بيرجس يستيقظ في السادسة صباحاً... ثم يستحم... ويحتسي قهوته، ثم يجلس على مكتبه. جاءت النتائج وفق ما كان يأمله الرجل، فقط شعر بالانتعاش والحيوية واكتشف أن بامكانه إنجاز الكثير من المهام في أوقات الصباح.

يقول بيرجس: "كان وقتاً رائعاً أن تنجز ما تريده. ولأنه بالكاد ما تكون محاطا بكثير من المهام التي يجب أن تؤديها، فإنه من السهل أن تنجز بعض المهام الثقيلة مبكراً".

ولكن، وبعد أسبوعين، أصبح من الصعب بصورة متزايدة الاستمرار في هذا النظام المتبع.

لكن في بعض الحالات التي خرج فيها بيرجس مع أصدقائه لقضاء سهرة أو حضور مناسبة عمل جعلته يظل مستيقظا بعد الوقت المحدد لنومه، فإنه كان يجد من المستحيل تقريبا أن يستيقظ صباح اليوم التالي.

أضف الى ذلك، فإنه كان من الصعب الاستيقاظ في حال عدم وجود داعٍ وضرورة لذلك؛ وإذا لم يكن لديه أي اجتماع أو درس في التاسعة صباحاً، فإنه ينام لوقت أطول. وحتى ترتيب مواعيد إجراء التمارين في السابعة صباحاً لم يجد نفعا.

يقول: "كنت استيقظ وينتابني شعور بالإرهاب الشديد والتعب لوقت كثير خلال اليوم"، ولذا فقد تخلى بيرجس عن هذا النظام بعد مرور خمسة أسابيع.

وسائل للاستيقاظ

هناك جزء صغير من الدماغ ينظم ايقاع ساعتنا البيولوجية. ويقول الدكتور ناتانيال واتسن، المدير المشارك لمركز طب النوم بجامعة واشنطن والرئيس القادم للأكاديمية الامريكية لطب النوم، إن هذا الجزء يطلق عليه "النواة فوق التصالبية".

لهذا الجزء من الدماغ قدرة عجيبة في ضبط أنماط نومنا لأنه يتحكم بالتركيبة الجينية لساعتنا البيولوجية. ومع أن هناك عوامل أخرى، مثل العمر ونمط الحياة، يمكن أن تحدد وقت استيقاظنا، لكن 50 في المئة من أنماط نومنا تقريبا تحددها الجينات.

لا يستطيع العديد من الناس الذهاب للنوم ما لم يخبرهم إيقاع ساعتهم البيولوجية بأنه قد حان الوقت للنوم، ولسوء الطالع فإن هذا الايقاع لا يتناسب دوماً مع ساعات العمل اليومي ما بين التاسعة صباحاً والخامسة مساءً.

يقول واتسن: "يبدأ يوم العمل قبل الوقت الذي يريده هؤلاء. لذا فإنه يسلب منهم الرغبة في النوم، وهذا ما يجعل من الصعب عليهم الاستيقاظ".

من الممكن تغيير أنماط النوم بنجاح ولكن ذلك يحتاج الى جهد كبير، بحسب واتسن. اذا أردت الاستيقاظ مبكراً، فعليك أن تكافح جيناتك.

ولكي تحصل على فرصة الفوز في المعركة، ستحتاج الى القيام ببضعة أمور أساسية. أولها أمر يسير: اسمح للضوء في غرفتك في الصباح، ولا تضيئها ليلا.

يقول واتسن: "التعرض للضوء هو أهم عامل على الاطلاق، إنه يؤثر على ايقاع ساعتك البيولوجية (ساعتك الداخلية) أكثر من غيره. هذا التأثير أكبر بكثير من الميلاتونين أو أي دواء آخر يمكن أن تتناوله".

الضياء الطبيعي كافٍ، ولكن من الصعب الحصول عليه في أشهر الشتاء، عندما تشرق الشمس في وقت متأخر.

استراتيجيات النوم

الاستيقاظ مبكراً هو فقط نصف المعركة – فعليك أيضاً أن تذهب الى الفراش مبكراً. للأشخاص الذين يعتادون على السهر لوقت متأخر من الليل، يمكن أن يكون الذهاب للنوم مبكرا عن المعتاد أمرا صعباً.

"قبل كل شيء، يجب عدم تناول القهوة بعد الساعة الثانية من بعد الظهر. وتوقّف عن ممارسة أية تمارين رياضية لأربع ساعات على الأقل قبل وقت النوم. تناول وجبة غداء كبيرة، لكن وجبات الفطور والعشاء يجب ان تكون خفيفة". هذا ما يقوله الدكتور كيني بانغ، وهو طبيب في أمراض الأنف والأذن والحنجرة، كما أنه متخصص في اضطرابات النوم، ويقيم في سنغافورة.

 

يشدد بانغ على ضرورة أن تكون غرفة النوم مظلمة بأكبر قدر ممكن، مما يعني وضع أجهزة الهاتف الذكية بعيداً وإغلاق أجهزة التلفزيون قبل وقت النوم بما لا يقل عن ساعة.

ويضيف واتسن بأن هذه النقطة الأخيرة حاسمة، فالتكنولوجيا الحديثة هي دافع قوي للأرق في وقتنا هذا لأن الهواتف والأجهزة النقالة وشاشات التليفزيون تبعث إشعاعاً بموجات زرقاء، وهي منشط قوي.

ويوضح بأنه: "ما تقوم به قبل أن تذهب إلى الفراش هو أنك تطلق إلى الدماغ بقوة هذه الموجات الزرقاء. انك تُخبر جسمك بأن الوقت هو وقت الاستيقاظ. وهذه ليست الرسالة التي تريد أن تبعث بها إليه".

قد يكون بالامكان أن تخلد للنوم مبكراً، ولكن الأمر ليس سهلاً على الجميع. يعاني البعض من اضطرابات النوم – لن يكون بمقدورهم تغيير أوقات النوم والاستيقاظ بدون مساعدة الأدوية- بينما لا يقدر آخرون على التعامل مع هذا الروتين المنتظم.

ينام البعض بشكل أفضل عندما يدرك الجسم أن النوم قد حان! ويقول واتسن، فإن تحول الشخص إلى شخص صباحي يتحقق فقط اذا ما استيقظت ونمت مبكراً في كل يوم من أيام الأسبوع.

نعم، ذلك يعني بأن الاستيقاظ حتى ساعة متأخرة من الليل خلال عطلة نهاية الأسبوع يمكن أن يؤدي الى مشاكل.

بالنسبة لبراير فإن النوم المبكر كان تحدّياً في البداية، لكنه كان يتأكد من إغلاق جهاز التلفزيون، عندما يذهب الى الفراش في العاشرة مساءً، كما أنه يضع هاتفه بعيداً عنه، لكي لا يشعر بأي إزعاج.

واستغرق الأمر قرابة نصف ساعة حتى يغفو تماما، وإذا واجهته صعوبة في النوم، فإنه كان يقرأ شيئا له علاقة بطبيعة عمله.

يقول: "ليس لكون الأمر مملاً... ولكن القراءة تجعلني أشعر بالتعب".

الأمر لا يستحق؟

بالرغم مما تقوله الدراسات والأبحاث عن محاولات النوم مبكرا، فإن بانغ يحذرنا من هذا التحول. ويقول إن أفضل وقت للنوم هو ما بين الساعة الحادية عشرة مساءً والسابعة صباحاً، أيا كان نظام النوم الذي تتبعه. ويؤكد أن ما يهم أكثر هو أن تغمض عينيك لمدة ثمانِ ساعات وليس أن تستيقظ مبكراً.

وإذا لم تحصل على ساعات النوم الثمانِ، ومن المحتمل أنك لن تحقق ذلك إن استيقظت في الخامسة فجراً، فإنك ستحتاج إلى أن تعوض ذلك في وقتٍ ما لاحقا.

ويضيف بانغ: "لا يستيقظ أحد من تلقاء نفسه في الخامسة فجراً. سينتهي بك المطاف أن تنام أكثر في عطلة نهاية الأسبوع أو حتى خلال النهار".

وحتى الآن، فإن اختبار النوم الذي نفذه براير يثبت فاعليته. ويطبق براير هذا النظام منذ ستة أشهر، ومع أنه لا يظل مستيقظا لوقت متأخر لمشاهدة التلفاز، لكنه يبدو أصبح أكثر انتاجية مما كان عليه في السابق.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: