إعلان

بالفيديو..أبا الدحداح .. رجل باع الدنيا بالآخرة

03:21 م السبت 28 فبراير 2015

أبا الدحداح .. رجل باع الدنيا بالآخرة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم – هاني ضوَّه :

من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجال باعوا دنياهم بآخرتهم .. واشتروا الآخرة بالدنيا، وتاجروا مع الله تجارة رابحة تكون لهم ذخرًا في الآخرة، ومن هؤلاء الصحابة الكرام سيدنا أبا الدحداح الذي أسلم عندما قدم مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى المدينة سفيرًا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليدعو أهلها إلى الإسلام حيث كان ممن ناله شرف الدخول في الإسلام ، كما أسلمت أسرته كلها ، ومشوا في ركب الإيمان.

أما قصة تجارته مع الله فبدأت عندما دخل شابًا يتيمًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بين أصحابه يشتكي له قال الشاب: " يا رسول الله.. كنت أقوم بعمل سور حول بستاني فقطع طريق البناء نخلة هي لجاري، طلبت منه أن يتركها لي لكي يستقيم السور فرفض، وطلبت منه أن يبيعني إياها فرفض " .

فطلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتيه الجار، وعندما جاء الجار إلى رسول الله وقص عليه رسول الله شكوى الشاب اليتيم، قال له الرسول "قد كان بستانك بجانب بستان صاحبك وأراد اليتيم أن يبني جدارًا يفصل بينه وبين بستانك فاعترضته نخلة من نصيبك"، قال الرجل "نعم"، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اعطي النخلة لاخيك أو بعها له.. فقال الرجل: "لا"، وكرر النبي طلبه ثلاثًا، ولكن الرجل رفض، وفي الرابعة قال له النبي "اعطي النخلة لأخيك أو بعها له ولك بها نخلة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائه عام"، فقال الرجل له: "لا".

فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذا يقول له بعد ذلك ..

هنا وجد أبا الدحداح الأنصاري فرصة عظيمة ليتاجر مع الله ويكون الشاهد على هذه التجارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله خير الشاهدين .. فعرض على الرجل أن يشتري نخلته ببستانه ذو الستمائه نخله والقصر المنيف والبئر العذب والسور الشاهق حوله، ووافق الرجل بسرعة.

فنظر ابا الدحداح إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سعيدًا سائلًا: "يا رسول الله ألي نخله في الجنة يارسول الله؟"، فقال له النبي: لا .. فبهت أبا الدحداح من رد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. فأستكمل الرسول قائلا ما معناه الله عرض نخله مقابل نخله في الجنة وأنت زايدت على كرم الله ببستانك كله، ورد الله على كرمك وهو الكريم ذو الجود بأن جعل لك في الجنة بساتين من نخيل أعجز على عدها من كثرتها.

وقال الرسول الكريم "كم من عذق رداح لابي الدحداح في الجنة .. كم من عذق رداح لابي الدحداح في الجنة .. كم من عذق رداح لابي الدحداح في الجنة"، و الرداح هي النخيل المثقله من كثرة التمر عليها.

ثم ذهب أبو الدحداح مسرعًا إلى بستانه حتى يُخرج منه بعض أغراضه حتى وصل إلى باب البستان فسمع صوت زوجته وأولاده يلعبون داخل البستان، وصاح بأعلى صوته وهو في الخارج وقال"يا أم الدحاح" فقالت له "لبيك يا ابي الدحداح" فقال "اخرجي من البستان" قالت " اخرج من البستان !!"، قال "نعم لقد بعته" ، قالت "بعته!!..بعت البستان با ابا الدحداح ... بعته لمن؟" قال "بعته لربي بنخلة في الجنة" .. فقالت "الله اكبر ..ربح البيعُ يا أبا الدحداح.. ربح البيعُ يا أبا الدحداح".

ثم أخذت أطفالها تخرجهم فلما وصلوا إلى باب البستان فتشت جيوبهم فمن كان معه شئ من تمر أخذته منه ووضعته في البستان وقالت: "هذا ليس لنا .. هذا لله رب العالمين"، وحينها أخذ أحد أطفالها الصغار تمرة ووضعها في فيه ففتحت فمه وأخرجتها ووضعتها وقالت "هذه ليست لنا... هذة لله رب العالمين" .. ثم خرجوا من البستان.

وقيل إنه عندما جاء أبا الدحداح إلى زوجته ليخبرها أنشأ يقول لزوجته:

هداك الله سبل الرشاد .. إلى سبيل الخير والسداد بيني من الحائط بالوداد .. فقد مضى قرضًا إلى التناد أقرضته الله على اعتمادي .. بالطوع لا مَن ولا ارتداد إلا رجاء الضعف في المعاد .. ارتحلي بالنفس والأولاد والبر لا شك فخير زاد .. قدمه المرء إلى المعاد

فقالت أم الدحداح رضي الله عنها:

ربح بيعك ، بارك الله لك فيما اشتريت ، ثم أجابته وأنشأت تقول:

بشرك الله بخير وفرح .. مثلك أدى ما لديه ونصح
قد متع الله عيالي ومنح .. بالعجوة السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله قد كدح .. طول الليالي وعليه ما اجترح

لم يتوقف أجر أبا الدحداح على هذا فحسب، بل ختم الله له باحدى الحسنيين ليستشهد في سبيل الله في غزو أحد، فعندما سمع منادي المشركين يدعي قتل النبي محمد الله عليه وآله وسلم فجعل يصيح: "يا معشر الأنصار إلي أنا ثابت بن الدحداحة ، قاتلوا عن دينكم فإن الله مظهركم وناصركم".

فجاء إليه نفر من الأنصار ، فجعل يقاتل بمن معه من المسلمين، وقد واجهته كتيبة تضم كبار فرسان قريش فيها كان فيها خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل ، وضرار بن الخطاب فجعلوا يناوشونهم ، فرماه خالد ابن الوليد – ولم يكن قد أسلم بعد- بالرمح فوقع أبا الدحداح شهيدًا رضي الله عنه.

من هذه القصة يتضح لنا كيف أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علموا أن هذه الدنيا رخيصة إذا ما قورنت بالآخرة، رضي الله عنهم أجمعين علموا بأن ليست لحي تبقى فاتخذوها لجة وجعلوا صالح الأعمال لهم فيها سفنا.

فيديو قد يعجبك: