إعلان

شبهات وردودٌ حول الحجّ (2): رمي الجمرات.. ما حكمة أن ترمي حجراً بحجر؟

04:54 م الجمعة 10 أغسطس 2018

رمي الجمرات

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - أحمد الجندي:

أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على شبهة "من شعائر الحج رمي الجمرات على الشيطان فكيف يؤثر هذا على الشيطان والشيطان عبارة عن شيء معنوي غير حسي؟ وما الحكمة من ذلك، إننا نرمي حجرا بحجر؟"، وصحح المركز فى معرض رده على تلك الشبهة بأن المسلمين جميعهم اتفقوا على أن رمي الجمار من شعائر الحج، واشتهر عند بعض العوام أن رمي الجمار هو رجمٌ للشيطان حقيقةً، وهذا خطأ بالكلية لم يقل به أحدٌ من العلماء قط.

وتابع مركز الأزهر: أما ما رواه الإمام أحمد في مسنده (4/437) بسنده عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَمَلَ بِالْبَيْتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ. فَقَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا ... الحديث.

وفيه: «وَيَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُمِرَ بِالْمَنَاسِكِ، عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى فَسَابَقَهُ، فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ شَيْطَانٌ - قَالَ يُونُسُ: الشَّيْطَانُ - فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ... قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى الْجَمْرَةِ الْقُصْوَى، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ ... الحديث» ورواه الحاكم في مستدركه مرفوعًا.

فهذا الحديث يدل على أن الشيطان عرض لإبراهيم عليه السلام عند الجمرات الثلاث فرماه بالحصى، والشيطان لا يعرض للحجاج.

وما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون. فإنما يعني به الرجمَ المعنويَّ، لا الحسيَّ؛ أي أن الامتثال إلى أمر الله عز وجل هو عين رجم الشيطان وكيده، إذن؛ فرمي الجمار لا يكون للشيطان حقيقة، وإنما هو رمز لكيده بالامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى.

- أما عن الحكمة من رمي الجمار فتتجلى في عِظَم الانقياد واتباع أوامر الله عز وجل، حتى وإن جهِلْنَا علةَ الأمر، وإذا كنا لا نخضع للأوامر الإلهية إلا فيما يدركه العقل لأصبحنا بذلك نعبد العقل ولسنا نعبد الله سبحانه وتعالى‼

ومن المعلوم ضرورة أن العقل لا يدرك حقيقةَ كلِّ شيءٍ. قال حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله في إحياء علوم الدين (1/270):

(وأما رمي الجمار؛ فاقصد به الانقيادَ للأمر إظهارًا للرق والعبودية، وانتهاضًا لمجرد الامتثال من غير حظٍّ للعقل والنفس فيه، ثم اقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع ليدخل على حَجِّه شبهة أو يفتنه بمعصية، فأمره الله أن يرميه بالحجارة طردًا له وقطعًا لأمَلِهِ.

فإن خطر لك أن الشيطان عَرَضَ له وشاهده؛ فلذلك رماه، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان؛ فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان وأنه الذي ألقاه في قلبك ليُفَتِّرَ عزمَكَ في الرمي، ويخيل إليك أنه فِعْلٌ لا فائدة فيه، وأنه يضاهي اللعِبَ فلم تشتغل به!!

فاطردْه عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي فيه برغم أنف الشيطان، واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة، وفي الحقيقة ترمي به وجهَ الشيطان، وتقصم به ظهره؛ إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمرَ اللهِ سبحانه وتعالى تعظيمًا له بمجرد الأمر من غير حظٍّ للنفسِ والعقلِ فيه) اهـ.

ومما ذُكر يُعلَمُ الجوابُ.

فيديو قد يعجبك: