إعلان

ما حكم سفر المرأة للحج إذا سمح لها زوجها بذلك قبل وفاته؟

07:40 م الإثنين 29 سبتمبر 2014

ما حكم سفر المرأة للحج إذا سمح لها زوجها بذلك قبل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تجيب على هذا السؤال لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية :

إن الحج من فرائض الإسلام التي فرضها الله سبحانه على المستطيع من الرجال وعلى المستطيعة من النساء، ففي القرآن الكريم قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗا} [آل عمران: 97] وهو من العبادات الأساسية، ففي السنة الشريفة قول الرسول صلى الله عليه و في بيان حقيقة الإسلام والإيمان: «الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا، قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» .

ووجوب الحج مشروط بالاستطاعة كما هو صريح القرآن والسنة وبإجماع المسلمين، غير أن الفقهاء اختلفوا في حقيقتها وفي شروطها بوجه عام، كما اختلفوا فيها بالنسبة للمرأة: ففي فقه الإمام أبي حنيفة: أن من الاستطاعة أن يكون معها زوجها أو محرم لها من النسب أو من المصاهرة أو من الرضاع إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت مسافة السفر دون هذه المدة وتوافرت لها باقي عناصر الاستطاعة كان عليها أداء الحج ولو بغير زوج ولا محرم لا فرق في كل هذا بين الشابة والمسنة، ويشترط في المحرم أن يكون بالغًا عاقلا مأمونًا .

وفي فقه الإمام مالك: أنه لا يشترط لسفر المرأة أن تكون مع زوجها أو مع محرم، وأنه يجوز لها السفر لأداء هذه الفريضة إذا وجدت رفقة مأمونة .

وفي فقه الإمام الشافعي: أنه إذا لم يتيسر للمرأة الخروج للحج مع زوجها أو أحد محارمها كان لها أن تحج مع رفقة مأمونة فيهم جمع من النساء موثوق بهن اثنتان فأكثر، ويجوز مع امرأة واحدة في حج الفرض، بل صرَّح فقهاء المذهب للمرأة أن تخرج وحدها عند الأمن في حج الفريضة، أما في حج النفل فليس لها الخروج مع نسوة ولو كثرن، ولا تسافر في النفل إلا مع زوج أو ذي رحم؛ لأنه سفر غير واجب .
.
أما المعتدة من طلاق بائن أو من وفاة، فقد جرى فقه مذهب الإمام أبي حنيفة على أن كلا منهما تقضيان مدة العدة في البيت الذي كانت تقيم فيه وقت وقوع الفرقة بالموت أو بالطلاق البائن، ولا يحل للمطلقة الخروج منه إلا للضرورة، ويحل للمتوفى عنها زوجُها الخروجُ نهارًا لقضاء حوائجها، ويحرم عليها الخروج ليلا خوف الفساد ودرءًا للقيل والقال، ونصَّ فقهاء هذا المذهب على أنه إن انتهت الزوجية بوفاة الزوج أو بطلاقه إياها بائنًا وهي مسافرة، فإن كان بينها وبين مصرها -محل إقامتها- مدة سفر -أي ثلاثة أيام فأكثر- رجعت إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها، ولم يجيزوا للمعتدة من وفاة أو طلاق السفر للحج أو غيره إلا في نطاق هذه القاعدة .

لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن السيدة المسؤول عنها قد أذن لها زوجها في السفر للحج ثم توفي، وأنها ما تزال في عدة وفاته، وأنها إن قعدت للعدة في منزله فاتها الحج مع أنها قد سددت رسومه ومصروفاته بعد أن أخرجتها القرعة، وأنه لم يسبق لها أداء هذه الفريضة، وكان معلومًا بالعلم العام أن السفر للحج في عصرنا قد اقتضت مصلحة الدولة العامة تقييده بقيود وتحديد عدد المسافرين وبالقرعة، وقد يتعذر على هذه السيدة أداء هذه الفريضة فيما بعد بسبب تلك القيود، وإذا كان هذا حال المسؤول عنها وهو حال اضطرار واعتذار وسنوح فرصة قلما يتيسر الحصول عليها، لا سيما وقد أذنت لها سلطات الدولة بالسفر للحج، كان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهي في الحج فعلا، يجري عليه ما قال به ابن قدامة واحتج له بالحجج القوية المقبولة في النص الآنف، وما نقله ابن هبيرة عن الأئمة مالك والشافعي وأحمد من أنه إذا خافت فوات الحج إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضي فيه.

لما كان ذلك كان جائزًا للسيدة المسؤول عنها السفرُ لأداء فريضة الحج وإن كانت في عدة وفاة زوجها؛ لأن الحج آكد باعتباره أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم، فوجب تقديمه، لا سيما وقد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه، وذلك تخريجًا على تلك النصوص من فقه الأئمة مالك والشافعي وأحمد.

فيديو قد يعجبك: