إعلان

كـيف استقبل أهل المدينة النبي؟

10:00 ص الإثنين 03 أكتوبر 2016

كـيف استقبل أهل المدينة النبي؟

بقلم – هاني ضوَّه :

نائب مستشار مفتي الجمهورية

ما إن ركب الحبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه راحلتهما، وسارت بهما من ديار بني سالم متجهة نحو المدينة، إلا وخرج أهل المدينة كل يوم إلى ظاهر المدينة ينتظرون قدوم الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، حتى إذا اشتد الحر عليهم عادوا إلى بيوتهم، وظلوا هكذا حتى جاء اليوم الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. انتظروه حتى لم يبق مكان فيه ظل يستظلون به فعادوا إلى بيوتهم.

ووصل النبي الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وقد دخل الناس بيوتهم، وكان اليهود يرون ما يفعله الأنصار، فلما رآه رجل من اليهود صرخ بأعلى صوته: يا بني قيلة -وهي جدة للأنصار ينسبون إليها، وهي بنت كاهل بن عذرة-، هذا صاحبكم قد جاء.

فخرج أهل المدينة عن بكرة أبيهم لاستقبال الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم بفرحة غامرة، فامتلأت بهم الطرقات، حتى أسطح المنازل امتلأت بالنساء والأطفال والرجال، وهم يقولون: "الله أكبر جاء رسول الله .. الله أكبر جاء محمدًا .. الله أكبر جاء رسول الله".

وخرجت الفتيات الصغيرات بالدفوف يتقدمون أهل المدينة الذين خرجوا في الطرقات وهم يحملون سعف النخيل، وينشدون فرحين:

طلع البدر علينا .. من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا .. ما دعا لله داع

أيها المبعوث فينا .. جئت بالأمر المطاع

جئت شرفت المدينة .. مرحبًا يا خير داع

واستقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه سيدنا أبو بكر الصديق ما يزيد عن خمسمائة من الأنصار، الذين ما أن وصلوا إليهما حتى قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه: انطلقا آمنين مطاعين، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر الصديق بين أظهرهم.

وواصل الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله سيره في تلك الحشود الحاشدة، في مشهد تاريخي مهيب وصفه الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه الذي كان صغيرًا حين إذ فقال: "لقد رأيت اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علينا، واليوم الذي قبض فيه، فلم أر يومين مثلهما قط".

وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلما مر على بيت أحد من الأنصار أثناء دخلوه المدينة كانوا يستقبلونه قائلين: "هلم إلينا يا رسول الله، إلى العدد والعدة والمنعة"، ويمسكون بخطام ناقته وهو يقول لهم: "دعوها فإنها مأمورة".

وعندما وصل سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بناقته قرب دار أبو أيوب الأنصاري، بركت الناقة، والرسول صلى الله عليه وسلم مرخ الزمام لها، ثم وثبت فسارت مسافة بسيطة، ثم بركت وتلحلحت وضربت بجرانها في الأرض، فنزل عنها الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم فاحتمل أبو أيوب رحل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوضعه في بيته.

وكان فيمن خرج لينظر إليه قوم من اليهود فيهم عبد الله بن سلام الذي قال حين رآه: "فلما تبينت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب"، فكان أول ما سمعت منه صلى الله عليه وآله وسلم: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام".

فيديو قد يعجبك: