إعلان

الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية بين الإباحة والبدعية

05:39 م الجمعة 24 أكتوبر 2014

الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية بين الإباحة والبدعية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم – هاني ضوَّه :

مع كل مناسبة دينية يطل علينا من يحرمون الاحتفال بهذه المناسبة ويصفون من يحيون هذه الليالي بالمبتدعين وغيرها من الأوصاف، رغم أنه لا يوجد دليل قطعي على تحريم الاحتفال بهذه المناسبات.

وفي غضون أيام تهل علينا ذكرى الاحتفال بالعام الهجري الجديد، الذي نحيي فيه معاني رحلة الهجرة المباركة التي كانت نقطة تحول كبيرة في تاريخ الإسلام والمسلمين، واللبنة الأولى لبناء دولة الإسلام.

والاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة من الأمور المطلوبة شرعًا، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لربكم في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها لعلها أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا".

والاحتفال بيوم هجرته صلى الله عليه وآله وسلم هو مثل الاحتفال بيوم مولده في المشروعية، بل هو أقوى؛ مشابهة ليوم عاشوراء في أنه يوم نجى الله فيه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من مكر الذين كفروا، كما قال سبحانه: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو ليقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.. [الأنفال : 30]، فإذا كان مشروعاً لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن تشكر الله تعالى على نجاة كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام، فشكر الله على نجاة نبيها محمد سيد الأنبياء والمرسلين في يوم هجرته أحق من جهة زيادة فضله، ومن جهة خصوصيته بهذه الأمة، وكما يقول الدكتور محمود الزين في كتاب البيان النبوي في المولد النبوي فإن الشكر كما يحصل بالصوم يحصل بأنواع العبادة، وما يقترن بذلك من العادات المباحة، كضرب الدفوف والإنشاد، فالعادات الأصل فيها الإباحة، فلا تحتاج إلى دليل إذا فعلت في أي وقت، وفعلها سروراً بنجاته صلى الله عليه وآله وسلم يجعلها في معنى ضرب الدف عنده صلى الله عليه وآله وسلم يوم عودته سالماً، كما سبق في حديث أبي داود، وشرح أئمة الحديث له .

والإحتفال بالمناسبات الدينية والدنيوية أمر مرغب فيه مالم تشمل على ما يُنهى عنه شرعاً ، وأن يكون خالياً من المحرمات الإختلاط المحرم وكشف العورات ونحو ذلك مما لايجوز شرعاً .

وليس في الشرع ما يمنع من ان تكون هناك مناسبة ، ولا صلة لهذا بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس ، فأن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ) متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - ومفهومة أن من أحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود ، وقد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم - العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يتغنون فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم ..

كما في حديث الصحيحين عن عائشة رضي الله عنهها - ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث ) ، وجاء في السنة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه السيدة آمنة في ألفي مقنع فما رؤي أكثر باكياً من ذلك اليوم ) رواه الحاكم وصححه وأصله في مسلم .

ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من امثال هذه الإحتفالات ، ولو سُلّم هذا - لعمر الحق - فإنه لا يكون مسوغاً لمنعها ، لأنه لا يشك عاقل في فرحهم رضي الله تعالى عنهم به صلى الله عليه وسلم ، ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره ، ولاحرج في الأساليب والمسالك لأنها ليست عبادة في ذاتها ، فالفرح به صلى الله عليه وسلم عبادة وأي عبادة ، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة ، لكل فيها وجهة هو موليها .

واذا اندرج الإحتفال بتلك المناسبات الخاصة تخت أصل شرعي كشكر النعمة والتحدث بها وتذكر أيام الله ، وإدخال السرور على المؤمن ، فقد انسحب حكم ذلك الأصل عليها ، وخرج عن أن يكون بدعة مذمومة على ما قرره الفقهاء الأصوليون جرى عليه عمل الأمة سلفاً وخلفاً في مفهوم البدعة.

فيديو قد يعجبك: