إعلان

الإفتاء تدعو لمواجهة أناشيد العنف بابتهالات التصوف (تقرير)

02:44 م الثلاثاء 17 مارس 2015

الإفتاء.. تقرير حول الجماعات التكفيرية وتوظيف أناش

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت: سماح محمد

أصدر مرصد التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية تقريره الرابع عشر يرصد فيه مدى اعتماد التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية على أناشيد العنف التي أصبحت جزءًا أساسياً في نشر أفكارها وجذب وتجنيد مقاتلين جدد، حيث حولوا النشيد إلى أداة فعالة في صراعهم الممتد.

وأكد التقرير الذي اعتمد علي دراسة محتوي لأكثر من مائة نشيد في مواقع الجماعات التكفيرية والتنظيمات الإرهابية أنه هذه الجماعات أفردت مساحة واسعة للنشيد كأداة مهمة للتحفيز من أجل المشاركة في الجهاد، معللة ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم- استعان في حياته بالشعراء الذين وظفوا أشعارهم لإلهام وتحفيز المسلمين وتثبيط الكفار على حد زعمهم

أناشيد العنف سلاح فعال

وتبدو أهمية استخدام النشيد لتلك التنظيمات الإرهابية نظراً للقدرة الهائلة له على الانتشار والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور بطريقة لا يمكن لمحاضرة أو كتاب فعلها ولأنها كذلك تحفز الجمهور من الشباب خاصة للانضمام لهذه التنظيمات، فالأناشيد تعد عنصرا مهما بالنسبة لهم في خلق "ثقافة الجهاد"

وأوضح التقرير أن الدخول إلى قلب هذا التنظيم والتعرف على ما يتداوله عناصره من أناشيد وأغانٍ، يساعد في معرفة ماهية هذا التنظيم وما يهدف إليه، وآلية عمله، لافتًا إلى أنه بتحليل كلمات هذه الأناشيد، فهي تحمل نفس الخصائص التي تروج للقتال والحض على خوض المعارك، ويمكن من خلالها قراءة عقيدة التنظيم العسكرية وأفكاره وسلوكياته.

تحليل مضمون

أشار التقرير أن الموضوعات التي تغطيها تلك الأناشيد تتضمن الشهادة، الجهاد المسلح باعتباره الحل الوحيد أمام المسلمين، وأهمية دعم المجاهدين، ودعم قادة الجهاد الحاليين (لتوطيد العلاقة بينهم وبين الشباب)، وحال الأمة السيء، ومسؤولية الشباب، وانتصار الإسلام ووجوب الدفاع عن الدين بالجهاد في سبيل الله عَلى حد زعمهم

التقنية العالية في إنتاج أناشيد العنف

وكشف التقرير أن هذه النوعية من الأناشيد تخضع لتقنية إنتاج عالية، ويظهر ذلك من خلال تنويع المؤثرات المصاحبة للأناشيد، والفواصل التي تتكون من أصوات حمحمة الخيل وصليل السيوف، وهدير الدبابات وأصوات البنادق، كما تظهر جودة الإنتاج أيضًا من خلال التنوع في مستوى الأداء الفني؛ بين نماذج تركز على اللغة النارية التي تعتمد على مفردات الحرق والقتل والتدمير، إلى أخرى تعتمد على ثنائية الغرب الكافر الذي يحاول تدمير الإسلام وإبادة أهله، وبين المسلم المجاهد الذي ينتصر من بعد ظلم ويزود عن الدين والحياض علي حد زعمهم.

خصائص أناشيد العنف عند منشقي القاعدة داعش

ورصد تقرير دار الإفتاء أبرز خصائص أناشيد تنظيم داعش التي تميِّزها عن غيرها ومنها أنه يستعمل الأناشيد بشكل عام للتهجّم على خصومه، ولتعداد أولئك الخصوم وبيان "كفرهم" وعمالتهم للغرب الكافر و"الحكام المرتدّين" بحسب زعمهم ، وأشار التقرير أنه يمكن ملاحظة أنّه كلّما اقترب الفصيل الخصم من أيديولوجية التنظيم العقدية والفكرية – مثل جبهة النصرة – تتضاعف قيمة العنف والحقد، وتزداد الرغبة في إخراج الفصيل من الملّة والقضاء عليه.

أضاف التقرير أن أناشيد داعش تكثر ترديد اسم زعيمهم"البغدادي" في هذه الأناشيد، إضافة إلى إظهار مشاعر البهجة لحظة إعلان الخلافة، ومن بينها نشيد: "رصوا الصفوف ، وبايعوا البغدادي". وكما هو واضح من عنوان النشيد فهو يدعو إلى بيعة البغدادي، وتحذر من خيانة الخليفة أو عصيان أوامره.

أوضح التقرير أنه يمكن ملاحظة العنف الزائد عن الحد في كلمات الأناشيد التي ينتجها التنظيم، فقد أصبحت مفردات "الذبح" والحرق وقطع الرقاب متواجدة بكثرة في معظم أناشيد التنظيم ويصر مؤلفي القصائد من المنتمين للتنظيم على استعمال هذه المفردات لتحقيقأهداف التنظيم العامة والتي منها: إرهاب الأعداء بالذبح والنحر والسلخ والتفجير، والرغبة في مخاطبة مناصريهم وتعبئتهم معنويّاً.

عنف المفردات يقارب العنف الفعلي

لفت التقرير أنه بالرغم من أن العنف من سمات الأناشيد القتالية، فإن كمية عنف المفردات الموجود في أناشيد داعش يقارب العنف الفعلي الذي يمارسه التنظيم ضد مخالفيه ففي نشيد "قريباً ترون العجيب"، نراهم يقولون: "إليكم سنأتي بذبح وموت، بخوف وصمت نشق العرى". وفي موضع آخر يقول النشيد: "إذا الكفر ماج وأرغى وهاج، ملأنا الفجاج دمًا أحمرا". وفي أغنية أخرى يتوعدون أهل الجزيرة قائلين: "أهل الجزيرة إذا جينا، الذبح والسّلخ بأيدينا."

أضاف التقرير أنه من خلال الأناشيد التي تذيعها التنظيمات الإرهابية نكتشف أنها تعتمد أسلوب المبالغة في كل ما ينتجه أو يفعله، وتعكس فاشية التنظيمات الإرهابية التي تنطلق من مبدأ إلغاء الآخر، حيث يسيطر التكبر والغطرسة على جميع مفردات الأناشيد.

العوامل التي ساعدت على انتشار أناشيد العنف

أما عن العوامل التي ساعدت على انتشار أناشيد العنف، فقد لخصها تقرير مرصد التكفير في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة والتي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية في الدعاية بشكل كبير 

واعتبر التقرير أن دعاية الجماعات التكفيرية المتطرفة منظمة جدًا ومكثفة حيث تعمل جميع المنتجات الإعلامية لها على الاستفادة القصوي من تقنيات السينما الغربية فيالإنجاز والسرد.

أشار التقرير أن تنظيم منشقي القاعدة داعش يعد أحد أنشط الجماعات الإرهابية في هذا الصدد، من خلال قيامه بنشرالصور والفيديوهات، عبر "تويتر" بصورة خاصة لسهولة استخدامه عبر الهواتف. وقد ذكرت بعضالمصادر أن التنظيم يمتلك ما يقارب 20 حسابا رسميا على "تويتر"، بجانب آلاف حسابات أخري غير رسمية تابعه لأنصاره، ويعمل مبرمجو التنظيم على ابتكارتطبيقات مثل التطبيق الذي يتيح إرسال منشوراتهم للمشترك مباشرة لدى نشرها وإعادة النشر التلقائي لمتابعي المشترك.

التأثير النفسي لأناشيد العنف على الأطفال والشباب

وحول التأثير النفسي لهذه الأناشيد، أكد مرصد الفتاوى التكفيرية أن نسبة تأثير الأناشيد على الأعضاء الجدد لهذه التنظيمات تصل إلى نسبة كبيرة، فهذه الأناشيد ترفع من مستوى الأدرنالين في جسد الإنسان، وتكون حافزًا له في الدفاع عن التنظيم وتنفيذ أهدافه وطموحاته، ولذلك يحرص مسئولو التنظيم على أن ترافق مقاتليه سيارة صوتيات تبث الأناشيد فلا يشعرون بالخوف أو القلق بحسب وجهة نظرهم.

ولفت التقرير إلى أن أكثر فئة تؤثر فيهم هذه الأناشيد بشدة هم الأطفال الذين لا تتخطى أعمارهم الـ15 عامًا ويهدف التنظيم من بث هذه الأناشيد إلى رفع الحالة المعنوية لأتباعه ومؤيديه فضلاً عن بث حالة من الرعب لدى العدو وإضعاف معنوياته من خلال عنف المفردات والإيقاع إضافة أنه يدخل ضمن أهداف هذه الأناشيد عملية "غسيل الدماغ" في محاولة لتعديل محتويات عقل الفرد أو مفاهيمه وتصوراته وأفكاره ومعتقداته.

أوضح التقرير أن أناشيد العنف تؤثر على غالبية الشباب والمراهقين الذين تدفعهم الحمية الدينية، حيث تلتقي لديهم الأفكار الدينية المؤدلجة والأناشيد المغناة لتفرز جيلا متطرفا لا يأبه بشيء إلا الشهادة المزعومة والجنة الموعودة عبر بوابات التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من الدين سترًا لها لتمضي قدمًا نحو أهدافها الدنيئة على طريق معبد بجثث الأبرياء.

سبل مواجهة أناشيد العنف

أما عن سبل مواجهة هذه الأناشيد والتصدي لتأثيرها، فقد قدم التقرير عددًا من التوصيات، منها: نزع القداسة عن تلك الأناشيد، والتأكيد على أنها لا تدخل في إطار "الديني" أو "المقدس" أو "الجهادي" مشيرا إلى ضرورة دعم أناشيد التصوف، إضافة إلى ضرورة تأكيد علماء الأمة على أن هذه الأناشيد لا تمت للقيم الدينية بأدنى صلة ولا تدافع عنه أو تمثل توجهاته، ولا توصل رسالته، بل هي على النقيض تماما تشوه الإسلام ورسالته إلى العالمين.

تطوير النشيد الديني وإحياء ثقافة الاستماع إلي الابتهالات الدينية 

ومن ضمن هذه المقترحات: تطوير النشيد الديني وأداوته لمجابهة أناشيد العنف، ويجب أن تكون الجهود لمواجهة هذه الأناشيد على درجة احترافية في استخدام واستغلال تقنيات الصوت والصورة، وعلى كفاءة كبيرة في استغلال التقنيات الحديثة وصفحات التواصل الاجتماعي التي باتت ساحة الصراع الحقيقية مع تلك التنظيمات وما تحمله من أفكار وقيم تغذي العنف وتنشره على نطاق عابر للحدود.

ضرورة إحياء الاستماع إلى الابتهالات الدينية 

وشدد التقرير على إحياء الاستماع إلى الابتهالات الدينية موضحا أن هذه الابتهالات التي أبدعها المنشدون والمبتهلون لترطيب وتليين وتهذيب النفوس وشحنها بمعاني الجمال والجلال المستوحاة من آيات ومعاني القرآن الكريم ، وكلها معاني حب وسماحة ورحمة ورفق ولين، لجديرة أن تحيا وأن تبعث وأن تجدد في حياة الأمة والشباب من جديد.

واستطرد التقرير: هل يتصور لمن يتربى ويداوم على الاستماع والاستمتاع بتلك الابتهالات الجميلة الندية القوية التي تلهج بهذه المعاني الراقية أن تمتد يده بالأذى لمخلوق كائنا من كان؟ وهل يتصور ممن شحنت روحه بهذه المعاني الراقية أن يكون إرهابيا قاتلا مفجرا نفسه أو غيره بغير هدف ولا سبب منطقي إلا أنه استمع لصليل الصوارم نشيد الأباة؟

السخرية من أناشيد العنف ظاهرة تستحق الدراسة

كما لفت التقرير إلى أن السخرية سلاح فعال في مواجهة أناشيد العنف، فقد أستطاع عدد من الناشطين والرافضين لأعمال تلك التنظيمات أن يجعلوا من السخرية من نشيد "صليل الصوارم" الذي يستخدمه تنظيم منشقي القاعدة ظاهرة تستحق الدراسة.

فيديو قد يعجبك: