إعلان

من علامات حب الله الإكثار من ذكره

04:52 م الأحد 23 أغسطس 2015

من علامات حب الله للعبد

أيها الإخوة الكرام: هل يعجل ويمد الخطا إلى الله غافلٌ عن ذكره؟!

إننا نرى في سير المحبين: أن الرجل إذا تعلق قلبه بحب آخر أكْثَرَ من ذكره، وقد أمرنا الله تبارك وتعالى أن نكثر من ذكره وهذا علامةُ الحب.

وسن لنا النبي صلى الله عليه وسلم الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وما بينهما إقامةً لذكر الله، وإعلاناً لحبه، فأول مذكورٍ إذا فتحت عينيك هو الله، وآخر مذكورٍ إذا أغمضت جفنك هو الله، هكذا فليكن الحب! إذا فتح المرء عينيه أول شيءٍ يقرع لسانه هو ذكر الله عز وجل، شرع لنا الأذكار، إذا استيقظ المرء يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله -أول كلمة ينطق بها- والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أول ما تستيقظ ترفع راية العبودية أن المُلْك لله، وأنك عبد ليس لك ملك، كله عاريةٌ مستردة، فلماذا يستطيل على الخلق؟! وأعجب ما يكون أن يقطع رجلٌ رحم أخيه للمال! الذي يقطع رحم أخيه للمال فبِعه بيعاً رخيصاً بثمن بخس، ليس لأحدٍ ملكٌ على الحقيقة، إنما هو ملك اعتباري وله آثار مترتبةٌ في الدنيا، إذا سرقه أحد قُطعت يده؛ لكن إذا نظرنا بصورة أوسع وجدنا أنه ملك اعتباري بالنسبة لملك الله عز وجل.

فالإنسان إذا أصبح يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله، فهذا دليل على الافتقار، وأنه ليس بيده شيء، وأنه محتاج للذي بيده الملك، فأول شيء يعلنه: (الملك لله) مع فقرك إليه: (أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله).

إذا أصبح عليك الصباح، وفتحت عينك، وحركت لسانك، وذكرت ربك أنك أفضل من الذي حصل الدنيا جميعها، فكونك تذكر الله عز وجل، هذا شكرٌ يحتاج إلى حب، فإذا عجزت أن تؤدي شكر الحب فمتى تؤدي الشكر؟! (والحمد لله، ولا إله إلا الله). وهذا أيضاً إعلامٌ منه أنه عبدٌ، وأن له إلهاً يعبده.

ثم في قوله: (الحمد لله) إشارةٌ دقيقة بعد ذكر الملك في (أصبحنا وأصبح الملك لله) والحمد لله أي: أن الملك له لا لغيره، لو كان الملك لغيره لشقينا {قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُوراً}.. [الإسراء:100] بل يد الله ملأى، لا يغيضها شيء سحاء الليل والنهار.

قال صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم ما أنفق منذُ خلق السماوات والأرض) كم أنفق منذُ خلق السماوات والأرض؟!

لو أرادت الدول كلها أن تعمل تكييفاً مركزياً للكون -حرارة في أيام الشتاء، وبرودة في أيام الصيف- فسيعجزون عن ذلك ولا يستطيعون، انظر إليه كم أنفق منذ خلق السماوات والأرض!

لما قرأتُ هذا الحديث خطر ببالي أن أقدر النفقة التي أنفقها ساكنو الشارع الذي أسكن فيه -وهو شارع طوله: خمسون متراً فقط- فحسبت بالآلة الحاسبة واعتقدت أن مسكني مقياس في البناء والتشطيب والديكورات، وهو مسكن متواضع جداً جداً بالنسبة للناس الذي يشتري أحدهم الشقة بسبعين مليون جنيه. أحد أصدقائي له صديق سعودي عنده شقة من دورين في عمارة وهذا السعودي أراد أن يبيع هذه (الفيلا) الصغيرة، ووكل صديقي أن يبيعها، وأعلن إعلاناً في الصحف أن هناك (فيلا) للبيع، في ميدان لبنان، والمواصفات مع صاحب الإعلانات، يقول: كاد قلبي أن يقف عندما اتصل لي أحدهم وقال: بكم تبيع هذه (الفيلا)؟

قال: بمليون وسبعمائة ألف.

قال له: أكيد تشطيبها سيء.

ماذا يعني هذا الكلام؟

يعني أنه ثمن بخس، مليون وسبعمائة ألف!

فخطر ببالي أن أعمل حساباً للشارع الذي نسكن فيه ثلاثين عمارة، في كل عمارة خمسة أدوار، كل دور يكلف كذا، والتشطيب كذا. ثم خطر ببالي أن آخذ الشارع الذي بجانبي، والشارع الذي بجانبي، فإذا بي أجد خلال ثلاثة أو أربعة شوارع فقط أن النتيجة معي: ستين مليون جنيه، فوزع تلك النتيجة على المدينة كلها، ثم وزعها على الجمهورية كلها، ثم وزعها على العالم، وانظر هذا العالم كله الذي هو مبني على الأرض كم نتيجته؟ ثم تدبر قوله صلى الله عليه وسلم فانظر كم أنفق منذُ خلق السماوات والأرض؟! لتعلم غناه، ومع ذلك وحتى تقوم الساعة يقول الله عز وجل: (لو أن إنسكم وجنكم وأولكم وآخركم قاموا في صعيدٍ واحد فسأل كل واحدٍ مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) إذا أخذتَ إبرة وأدخلتها في البحر المحيط، فانظر كم أخذَتْ هذه الإبرة من البحر، فهذا الذي ينقص مما عند الله تبارك وتعالى، فالحمد لله أن الملك له، تبارك وتعالى: (يدُه ملأى لا يغيضها شيء سحاء الليل ولا النهار).

أولاً: تقول: الحمد لله بعد ذكر الملك، أي: الحمد لله أن الملك له.

ثانياً: أن الله عز وجل {وَلَو يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}.. [يونس:11].

وتدبر يا أخي الكريم إذا وقعت في مظلمة فإنك تتمنى تَلَفَ ظالمك وتتمنى له الشر، ومن غيض قلبك تتمنى لو أنه أمامك وأنه عُرِّض لأفتك الأمراض، وأنه ذليل وأنك تتشفى فيه.

الله عز وجل ليس كعباده، يملأ الإنسانُ الأرضَ ظلماً وبغياً وعدواناً ويستجيب الله له ويتوب عليه، ويجعله من أفضل أوليائه، وهذا هو الفرق بين صفات الله وصفات عباده، صفات الله عز وجل كلها حسنى.

فالحمد لله أن الملك له، هذا أول ذكرٍ تذكره أيها الأخ الكريم عندما تفتح عينك في الصباح، فكم عدد المسلمين الذين يفتتحون يومَهم بغير الذكر؟! إذا علمت أن عددهم أقل من القليل، علمت أن أكثر أهل الأرض أدعياء للمحبة، ولا يحب أحدٌ أحداً إلا أكثر من ذكره، كما ذكر سفيان الثوري على رابعة العدوية ، فذكر شيئاً من الدنيا، فقالت: يا سفيان من أحب شيئاً أكثر من ذكره!

فقال لها: صدقتِ.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

المصدر: موقع معرفة الله

فيديو قد يعجبك: