إعلان

من دفتر نور الشريف.. "جاسوس وناقد وسياسي ومتهم"

11:49 ص الخميس 23 يونيو 2016

الفنان الراحل نور الشريف

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- يسرا سلامة:
قبل شهر مارس 1987، ظهر للجمهور المصري دعاية فيلم "بئر الخيانة"، فيلم من وحي ملفات المخابرات المصرية، تدور حول "جابر" الذي يؤديه الفنان نور الشريف مع كوكبة من النجوم، حول الشاب الخائن لوطنه، بعد أن جندته المخابرات الإسرائيلية، ونجحت نظيرتها المصرية في الإيقاع به، وقبل أن يظهر العمل الفني إلى النور كان للصحفي "عبد الحليم عبد الجليل" بمجلة "الكواكب" جولة مع أبطال العمل في روما، في رسالة لا تزال في العدد رقم 1859 من المجلة الفنية الشهيرة، يرصد "مصراوي" أبرز ما جاء في تلك التغطية.

"كان تنقصني أدوار الجاسوسية بعد أن لعبت كل الأدوار".. هكذا قال النجم صاحب الصف الأول سينمائيا نور الشريف أثناء تصويره للعمل، الذي أخرجه "علي عبد الخالق" وألفه "إبراهيم مسعود"، يقول نور "في بعض الأحيان يخلط الناس بين مبادئ وطباع الممثل وبين أدواره التي يؤديها، وهذا ظلم كبير للفنان، وقد حدث في كثير من الأحيان مع توفيق الدقن الذي أجاد أدوار الشر ومحمود المليجي والعملاق فريد شوقي، وينسى الناس أن التمثيل فن.. أي أن الممثل يؤدي دورا كتبه شخصا آخر بطريقة يحددها شخص ثالث وهو المخرج، فالممثل ناقل فني لأفكار مصدر يخاطب الناس والجمهور من خلال أداء الممثل".

ثورة "نور الشريف" على نفسه
لم يجد الشريف أي حرج في تجسيد دور الجاسوس "الممثل قد يؤدي أدوارا تخالف مبادئه في الحياة وقد تنطبق مع مبادئه، ولكن من الخطأ أن يسعى الفنان لأداء أدوار تناسب  أفكاره وفقط، لإنه سيتحول إلى فنان نمطي ويفقد بالوقت حيثيات مواهبه، وقدراته على اختيار ملكاته الفنية، والنتيجة أن يعزف عنه الجمهور"، يردف الممثل أن دور جابر الخائن سوف يفزع الجمهور لكنه شبه الدور بـ"الاختيار الصعب"، إذ إنه ذو تركيبة نفسية صعبة تغري أي فنان بأدائها.

1

"مديحة كامل" شجعت نور لأداء الدور
دور الخائن لبلده لم يكن أيضا أول مرة يقدم من خلال "بئر الخيانة"، فوفقا للشريف فمن شجعته على ذلك هى الفنانة مديحة كامل، والتي أدت دور خائنة أيضا في فيلم "الصعود إلى الهاوية"، والتي أجادت الدور، فأقنع العمل نور الشريف لتجسيد دور الخائن، بالإضافة إلى مؤلف العمل الكاتب إبراهيم مسعود، الذي أقنعه أن العبرة بالمفهوم العام للفيلم، والعظة التي يطرحها بهدوء عن حب الوطن، وكفاءة المخابرات المصرية، ليقول نور "أخشى رد فعل الجمهور من الخلط بيني وبين الدور، لكني لا أخشى جمهور الفيديو لإنه معتاد على مشاهدة الأفلام الأمريكية، لكني أخشى جمهور السينما، القاعدة العريضة من المشاهدين، فأتمنى أن نخرج حبايب مثل كل أفلامي السابقة".

"الأخوة الأعداء".. غلطة وندمان عليها
ووجه الصحفي لنور سؤال "قمت تقريبا بمعظم الأدوار التي تمنيت القيام بها، وكان آخرها الأدوار التاريخية في المسلسل التلفزيوني ابن خلدون، وهو إنتاج عربي مشترك، والأفلام الكوميدي والجد والسياسي والشر قمت بها، والمركبة نفسيا، هل تحزنك أي أدوار قدمتها؟"، ليرد الفنان "بالتأكيد هناك أفلام عندما أراها الآن يحزننني دوري فيها لإنني لم أؤدها كما ينبغي لاختلاف مراحل النضج الفني رغم إنني حصلت فيها على جوائز.. لإنني أرى نفسي مبالغا وانفعالاتي زائدة، وهذه ليست مسؤوليتي وحدي.. وإنما مسؤولية المخرج أيضا، فدوري في "الإخوة الأعداء" كان بعض اللقطات مبالغا فيه رغم حصولي على أربع جوائز، وعندما أرى نفسي في الفيديو مرة أخرى أشعر بهذه الغلطة، وهذا في الحقيقة مطب يقع فيه كل الممثلين سواء في بداية حياتهم أو في قمة نضجهم الفني، لإن الدور المركب يغري بالاندماج وقد يتطرف الاندماج فيظهر زائدا".

"الأدوار المركبة زي القماش الأبيض"
ويتابع نور في رده: "الشيء الغريب إن هذا الجنوح الفني – الأدائي- بيعجب الجمهور والنقاد، والأداء الزائد بيكون مبهرا مثل اللون الأحمر، فإذا كان القماش الأبيض مثلا يحتاج لترزي ماهر لإظهار قيمة التفصيل وهو في رأيي مثل الأدوار الهامة المركبة البعيدة عن الانفعال، لكن اللون الأحمر لا يحتاج لترزي ماهر لإنه لافت، إما بالغضب الشديد أو الضحك العالي أو الصراخ إلى آخره، ولكن دوري مختلف في كمال عبد الجواد في السكرية، فهو هادئ مثل اللون الأبيض، وفي "وصمة عار"، لأنه فيه بعدا فلسفيا لإنسان يبحث عن الحقيقة بعيدا عن التضاريس الحادة والعنيفة أي قليل الانفعال.

2

"المخرج هو البطل"
من ضمن تصريحات الفنان نور الشريف هو إعلائه لأهمية مخرج العمل، قائلا أن أهم شئ يساعد الممثل هو "النص" يليه المخرج الذي يخلق حالة الهارمونيا أو الإنسجام بين العاملين، يقول "أنا ضد إن الممثل يمثل على مزاجه.. فبدون المخرج الذي يضبط أوتار كل ممثل على حدة بصورة صحيحة يطلع كله نشاز"، ثم يؤكد نور على أهمية الإضاءة "أي إنسان يقدر ينور لكن الإضاءة هى فن خلق الجو المناسب لمشاعر الفنان، فإذا كانت الإضاءة متناقضة لمشاعر الفنان، ينخفض فورا مستوى الأداء".

"الفيلم العربي في مأساة"
وعدد النجم في حواره عدد من مشكلات تعاني منها السينما في مصر، قائلا "الفيلم لا يغطي تكاليفه داخل مصر، كما أن الظروف في البلدان العربية من حروب تؤثر على حركة الفيلم، فالحرب في لبنان أثرت على حركة البيع، والحرب العراقية الإيرانية أثرت على التوزيع، ولم تعد العراق تشتري كل الأفلام، الفيلم العربي يعيش في مأساة، بجانب قلة دور العرض وعدم صلاحية معظمها للاستخدام الآدمي".

وطالب نور أن يصدر مجلس الشعب حينها قانونا لتجريم نسخ الفيديو لحماية شركات الإنتاج، وبذلك يرتفع سعر الشراء من المنتجين مباشرة مما ينعش السينما، وطالب أيضا بضرورة رفع الجمارك عن معدات السينما، إذ أن عدد الأفلام المنتجة وقتها لا يتجاوز الـ60 فيلما "وهو ما يراه نور عدد قليل جدا"، قائلا عن الجمارك "الفيلم الخام من سنتين بثمانين جنيها فقط الآن بمائتي جنيه فجأة!"، وفي المتوسط يحتاج الفيلم إلى 100 علبة، وما يحدث فعلا أن المنتج لا يعيد اللقطات السيئة لأي مشهد حتى وإن كان لا يعجب المخرج، علما بأن السينما هى الصناعة المصرية الوحيدة التي يمكن تصديرها بنسبة 100%.

3

القبض على نور الشريف
وفي ساحة الفاتيكان حيث كان يجري تصوير مشاهد أخرى من الفيلم، يذكر العدد من المجلة إنه حدثت مطاردة بين رجال الشرطة الإيطالية والهارب "نور الشريف"، لكن ذلك وقع تحت سلطة رجال أمن الفاتيكان، الذين لم يصدقوا ما يرونه "فالشرطة الإيطالية أمام الكاميرا تعجز عن اللحاق بالهارب، والأكثر من ذلك أنه كيف للشرطة الإيطالية أن تتجرأ وتعلن انتهاك سيادة دولة الفاتيكان وخرق الاتفاق الدولي المسجل في الأمم المتحدة باستقلال دولة الفاتيكان، الذي اعترفت به حكومة إيطاليا"، وهذا يعني أن تواجد شرطي إيطالي واحد بالملابس الرسمية يعني الكثير.

المدهش أن شرطة الفاتيكان ألقوا القبض على الشرطيين الإيطاليين، وكانت المفاجأة إن الشرطيين "يتحدثان العربية"، وما هم إلا "كومبارس" مصري، يتخذان الأوامر من المخرج المصري على عبد الخالق، كما تم القبض بالفعل على الفنان نور الشريف، قبل أن تتفهم الشرطة أن ما يحدث هو "فيلم"!

4

فيديو قد يعجبك: