إعلان

محمد دياب: "كان" أشبه بكأس العالم.. و"اشتباك" رسالته عالمية - (حوار)

12:24 م الجمعة 27 مايو 2016

رئيسية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- محمد مهدي ورنا الجميعي:

في كل عام، يُسأل السيناريست والمخرج "محمد دياب" عن عدم ذهابه كمتفرج إلى مهرجان "كان" السينمائي، رغم كونه واحدًا من أعرق المهرجانات السينمائية في العالم، وكون "دياب" رجل مولع بعالم السينما، فيرد سريًعا:"بالطبع سأذهب.. لكن بفيلم من إخراجي"، قوبل تعليقه بالضحك أحيانًا أو بالدعاء بأن تتحقق أمنيته صعبة المنال، غير أن الشاب الثلاثيني وقف منذ بضعة أيام على أحد مسارح المهرجان، يُقدم فيلمه الجديد "اشتباك" للعالم، ومن خلفه نحو 30 شخصًا من صناع العمل الذي أصرّ على تواجدهم جميعًا لأنهم ساعدوه في تحقيق حِلمه.

صورة 1

مصراوي حاور "دياب" عن فيلمه "اشتباك" الذي حاز على اهتمام النقاد وكبرى الصحف الغربية، عن فِكرة الفيلم، وطبيعته الصعبة، والتحدي الذي خاضه كمؤلف ومخرج لخروج العمل إلى نور.

وسرد "دياب" خلال حواره معنا، كواليس صناعة العمل بداية من مراحل كتابته برفقة شقيقه المؤلف "خالد دياب"، مرورًا بإقناع شركات الإنتاج، وموقف الرقابة من العمل، الصعوبات التي واجهته أثناء التصوير التي كادت أن تودي بالأبطال إلى الطبيب النفسي، ونبوءة مهرجان "كان". أيضًا كشف لنا "دياب" عن مشروعه القادم بعد "اشتباك" في السطور التالية.

 

- بداية.. كيف استقبلت خبر اشتراك الفيلم بمهرجان "كان"؟

"أنا دمّعت وقتها"، تمر حياة الفنان بدورة يشعر أحيانًا أنه عظيم، ومرات ثانية أنه غير موجود، يوم اشتراكنا في "كان" هو اليوم الذي شعرت فيه بأني مبدع جيد "مهما يبان الفنان واثق في نفسه، لكن طول الوقت دورة العظمة والعدم دي شغالة جواه".

- من أول شخص أبلغته بخبر المشاركة؟

- سارة جوهر زوجتي هي بجواري طوال الوقت "واحتفلنا ورقصنا"، لكن هناك فريق هو من يعلم بأحدث الأخبار أول بأول "محمد حفظي ومعز مسعود وخالد دياب أخويا".

- هل توقعت الوصول بـ "اشتباك" لمهرجان "كان"؟

قبل التقدم إلى المهرجان "كان" بفترة كان فريق العمل يثق بقبوله وتواجدنا هذا العام بـ "اشتباك" لأننا أنجزنا عملًا مختلفًا.

- كيف تقدمت للمهرجان؟

قدمّت نسخة غير نهائية للمهرجان قبل بدايته بشهر ونصف، تم الموافقة عليه بالفعل، وهو فيلم الافتتاح في قسم "نظرة ما"، وعُرض ثاني يوم بالمهرجان، وأكملت صناعة الفيلم نهائيًا قبل المهرجان بخمسة أيام.

صورة 2

- ماذا عن لحظة عرضه لأول مرة، بمهرجان كان؟

أشبه بيوم فرحي "بعمل ألف حاجة وخايف أنسى حد، ومتوتر جدًا"، ومرت عليّ لحظات مرعبة لأن الحكم على فيلمي لا يأتي فقط من فنانين ونقاد عرب فقط، لكن أجانب أيضًا، خاصة أن الفيلم عُرض ثاني يوم المهرجان، وسط حالة من الانتباه الشديد للأفلام المعروضة.

 

- ما هي الكلمة التي ذكرتها قبل الفيلم؟

قلت أن الفيلم لم يكن عمل فردي، لكنه جماعي، وأنهم قاموا بعشر أضعاف مجهودهم في أي فيلم آخر، ولم يحصلوا على أجور عالية عنه، لذلك صممت على صعود جميع صناع العمل على المسرح "الممثلين والصناع"، وهم30 شخصًا، رغم أن ذلك غير محبب بالمهرجان، لكن بعد مفاوضات مع الإدارة وافقوا، ذلك العدد أثار استغراب أحد أعضاء لجنة التحكيم.

- كيف استقبلت ردود أفعال السينمائيين بعد الفيلم؟

حينما بدأوا بالتصفيق، شعرت بالفخر، كانت لحظة تاريخية بالنسبة لي، شعرت أن ابني "اتولد النهاردة"، التصفيق لحظة جميلة، لكن الأفضل حينما بدأ الفنانين في تهنئتي بالفيلم "لما شفت كل حد وهو بيسلم عليا وشفت التأثر وحسيت إنه بيتكلم من قلبه"، كما أن البعض قالي جملة متكررة "الفيلم وجعني".

صورة 3

- وصفت مجلة "هوليود ريبورتر"، فيلمك، أنه الجوهرة المدفونة، لماذا برأيك هذا التعبير؟

مهرجان كان أشبه بكأس العالم، هناك أسماء مخرجين معروفة بعينها "زي جيم جارموش، وأصغر فرهادي"، والجمهور منتظر من هؤلاء أن يبهروا العالم، وإذا بفيلم قادم من مصر يحصل على إشادة كبيرة " قصدهم إن فيه فيلم جاي من خارج خريطة الأفلام المهمة بالنسبة لهم".

- رغم الاحتفاء الشديد بالفيلم، لم يحصل على جائزة، بماذا شعرت؟

منذ البداية لم أضع في اعتباري فكرة الحصول على جائزة بالأساس "قولت كفاية اختيار الفيلم إنه يكون افتتاح بالقسم، هو تكريم له"، لكن مع الإشادة الكبيرة به تغير الأمر، فقد اختير من أفضل عشر أفلام بالمهرجان، وصلت لي إشارات بأنه من الفائزين، لكن لم يحدث ذلك في النهاية.

 

- نعود لقصة الفيلم، كيف طُرحت الفكرة نفسها؟

رغبنا، أنا وخالد، في عمل فيلم عن الثورة، لكن الأحداث المتلاحقة أفشلت أي طرح، وفي عام 2013 اقترح خالد تلك الفكرة "إن ناس تكون متجمعة في عربية شرطة"، أعجبتني الفكرة خاصة أنها مستمرة حتى الآن "وهي مش بس بتعبر عن الثورة لكن عن مصر"، نظرت للفكرة كتحدي بالنسبة لي، أن أضع نفسي مكان ناس مختلفين عني، كما عبّرت عن ذلك في فيلم الجزيرة "شخصية عزت حنفي"، بكل فيلم أصنعه أضع نفسي مكان الشخصيات، لذلك أفهمهم أكثر.

 

هل شخصيات الفيلم حقيقية؟

الشخصيات معظمها مستوحاه من شخصيات حقيقية، بعضها شخصيات عامة، من صحفيين أو مصورين أو أسماء إخوانية شهيرة، وبعضها من محيط معارفي وآخرين، ثم يأتي دورنا أثناء الكتابة، فضلا عن إضافات الممثلين.

صورة 4

- احكي لنا عن تعديل السيناريو وموقف الرقابة ؟

تم تعديله 13 مرة حتى وصلنا إلى شكله النهائي، كنا حريصان –أنا وخالد- على حذف أي أشكال لها علاقة بالسياسة، ظاهره هو اشتباكات بين الناس "لو اتعمل عن ناس في أوكرانيا مش هتفرق، ودا اللي يخلي الفيلم عالمي"، وعندما عُرض العمل على الرقابة لم تطلب أية تعديلات. 

ما الفرق بين النسخة الأولى والأخيرة للفيلم؟

"يا نهار".. قمنا بتغييرات عديدة، من يريد تعلم السيناريو عليه أن يُلقي نظرة على النسخة الأولى والنسخة الـ 13، فالأول عبارة عن "توك شو" سياسي، أزلنا كل هذا، وقمنا بالتخلص من 10 شخصيات وإضافته مثلهم، لكننا احتفظنا بالأحداث الرئيسية.

 

كيف جرى التحضير مع الفنانين على أداء شخصياتهم؟

من أكثر الأشياء التي أفادت الفيلم أننا أجرينا بروفات لـ 6 أشهر، داخل ديكور لعربة ترحيلات تم بناءه داخل مكتب محمد حفظي، وفي الشهور الأولى لم نستخدم السيناريو المكتوب، فقط عملنا على إتقان كل ممثل لشخصيته. وخلال البروفات ظهرت لنا تفاصيل جديدة مميزة قمنا بإضافتها للأدوار.

 

أحداث الفيلم تدور في عربة ترحيلات.. ألم تخشَ ارتباط ذلك لدى الناس بالحادث الشهير؟

عندما يُعرض الفيلم ويراه الجمهور؛ سيدرك الجميع أن الفيلم بعيد جدًا عن تلك الحادثة، ولديّ اهتمام أن يفهم الناس ذلك، لأن أي عمل فني عن الواقعة يُلزم صناعه بالتزام الأحداث وهذا لم يحدث في فيلمي لأن القصة مختلفة.

صورة 5

متى قررت أن تصبح مخرجا للفيلم؟ بعد الكتابة أم مع ظهور الفكرة؟

من اللحظة الأولى عندما طَرح عليّ "خالد" الفكرة، قولت له:" عايز أخرج الفيلم دا"، أنا رجل أحب التحديات، وبعد فيلمي الأول "678" كان لدي رغبة كبيرة في تجربة طريق جديد، خاصة أن "اشتباك" بداخله تحدي كبير تقني وفي أحداث "الأكشن".

 

هل أثر ذلك على خيالك ككاتب تخوفًا من المسائل الإنتاجية؟

لم يحدث، عملت بشكل احترافي، وضعت تصوري كمؤلف، ولم أهتم بالشكل الإنتاجي ومن صعوبة تنفيذ العمل. ورأيت كمخرج أنه تحدي لي لإظهار ما كتُب بصورة أفضل على الشاشة.

 

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتها أثناء تصوير الفيلم؟

تصوير "الأكشن" في الشارع أشبه بالانتحار، أن تقوم بعمل مظاهرة واشتباكات بين مواطنين والشرطة فانت معرض للخطر في كل لحظة.. المضايقات كثيرة لأن المواطنين والشرطة يعتقدون أنها مظاهرة حقيقة.

 

هل تتذكر موقف بعينه؟

صورنا مظاهرة مرة فوق أحد كباري الدائري، وفوجئنا بقوات أمن من مديرية أمن القاهرة والجيزة لأنهم اعتقدوا أنها مظاهرة حقيقية، وقبلهم هاجمنا مواطنين. لكن الأمور مرت بسلام في النهاية.

 

ذكرت أن أبطال العمل "جالهم كوابيس" خلال التصوير.. لماذا حدث ذلك؟

وضع أكثر من 20 شخصا داخل عربة ترحيلات لمدة 26 يوما، هي فترة التصوير، مأساة بالتأكيد، تحملّ أبطال العمل الكثير وأُصيب البعض بحالات اكتئاب، رغم كافة الاستعدادات من وجود تهوية وتكييف ومعطر وكافة سُبل للراحة.

 

 

وكيف تعاملت كمخرج مع الأمر؟

حاولت التعامل بتوازن قدر الإمكان، وكنت أعذرهم لتضحياتهم الكبيرة خلال تنفيذ الفيلم. يكفي أنهم تواجدوا طوال أيام التصوير لأننا اخترنا طريقة تصوير عفوية يظهر فيها الجميع في أي لحظة.

صورة 6

هل قوبل طلبك لفنانين بالمشاركة في الفيلم بالرفض؟

نعم، حدث ذلك، هناك فنانين أعتز بهم وبصداقتهم لكنهم رفضوا التواجد في فيلم يناقش قضية مثيرة للجدل.

- حدثنا عن تكلفة الفيلم؟

هذا الفيلم هو أغلى فيلم مستقل في تاريخ مصر، أكثر من 13 مليون جنيه، بسبب الاشتباكات في الفيلم كانت تكلفته عالية، وتم تصوير 80 % من المشاهد خارجي، في الشوارع.

- وما هي الجهات المنتجة للفيلم؟

الجهات المنتجة كثيرة فمن مصر؛ معز مسعود ومحمد حفظي، من فرنسا.. شركة "براميد"، وهي الشركة الموزعة لأفلام يوسف شاهين، ويعتبر اشتباك هو أول فيلم روائي طويل تنتجه، ومن ألمانيا شركة نيكو، كما أن تلك الشركات استطاعت اقناع عدد من الجهات بالمشاركة في إنتاج الفيلم، وذلك من خلال بالسيناريو، " الفيلم خد أربع منح كبار، من مهرجان سان فرانسيسكو، وزارة الثقافة الألمانية، وزارة الثقافة الفرنسية، والقناة الثقافية الألمانية الفرنسية".

- قصة الفيلم ليست بسيطة، ما هي التخوفات التي قابلت المنتجون المصريون تحديدًا؟

قبل الفيلم قال لي محمد حفظي بالنص "دي أكبر مخاطرة آخدها في حياتي"، وهي الجملة التي جعلتني أتعامل مع الفيلم بطريقة أكثر حرصًا.

- ماذا عن مشاركة معز مسعود في انتاج فيلم لأول مرة؟

مسعود صديقي بالأساس، تعرفت عليه منذ أن عملت بأحد البنوك "وهو كان ساكن في العمارة اللي فيها البنك"، صداقة تمتد منذ عام 2003، حينما علم بأن لديّ أفكار أفلام شجعني وفتح لي باب على السينما، هو موجود بجواري في كل اللحظات الهامة بحياتي، تعاونا معًا في عدد من الأعمال الفنية "ان احنا نعمل فيلم دا طبيعي".

صورة 7

- هل أضاف مسعود للفيلم بعيدًا عن الإنتاج؟

هو عالم مستنير موهوب بالأساس، لديه مرجعية مهمة عن الجماعات الإسلامية، وهي إشكالية تواجه الأعمال الفنية "بنلاقي فيها السلفي زي الإخواني زي الجهادي زي الداعشي"، وهو خلط كبير، لكن ستجد بالفيلم تقسيمات كثيرة بين الإسلاميين، هناك "الإخواني" المنظم، والمحب، وهناك السلفي، والسلفي الجهادي، والداعشي، "محتاجين نفهمهم عشان نفهم اللي بيحصل في المنطقة وفي العالم".

 

- من الأشخاص الذين تحرص على عرض أفلامك عليهم قبل التصوير؟

الكثير من المؤلفين والمخرجين.. لا أريد أن أنسى أحد، لكن آراؤهم مفيدة جدًا ليّ أثناء إعادة كتابة الفيلم، ودائمًا أقول "ليه اشتغل بدماغ واحدة لما ممكن اشتغل بدماغ خمسين واحد أو أكتر".

- تعرضت لهجوم عند عرض "الجزيرة 2" أنك ضد الثوار.. والآن أنك مع الإخوان في "اشتباك".. ما تعليقك؟

نعيش في حالة هيستريا، أُقدر بالطبع مشاعر الناس، لكن لا أُخفي أن هذا الأمر آلمني.. وأني لم احتفل بالجزيرة أو أظهر في أي مقابلة إعلامية لحزني من ذلك الهجوم، ولأن الفيلم مر بظروف. ويتكرر الأمر الآن مع "اشتباك" لكنني كنت أعلم منذ اللحظة الأولى أن الفيلم سيهاجمه المتطرفون من كافة الأطراف.

 

قلت إن لفيلم "الجزيرة 2" ظروف خاصة.. ما هي؟

تم كتابة الفيلم أثناء حُكم الإخوان، لكنه عرض في فترة كانت الأوضاع السياسية قد تغيرت، فأصبح الطرح مختلف. كما أن العمل رؤية لـ 4 أشخاص هم المؤلفين فضلا عن المخرج وهو رب العمل والشخص الأهم.

 

- ماذا يُمثل لك هذا الفيلم بالتحديد في مشوارك الإخراجي؟

حينما أنظر لنفسي بعد عشرة أعوام من الآن، سأقول أن هذا الفيلم هو أهم عمل بالنسبة لي، قمت بهذا الفيلم وسط ظروف صعبة، قال لي من حولي أكثر من مرة لا تقوم بهذا الفيلم، لكني قررت خوض التحدي.

- ما هو الدافع الذي يحثك على الاستمرار في صناعة الأفلام؟

أي مبدع يحب التعبير عن نفسه، وبالرغم من كمّ الصعوبات الموجودة في مصر "لكنها منجم أفكار"، لا أقلل من أحد لكن ماذا يستطيع أي مخرج فعله في أمريكا مثلا "بس هنا لو وقفت واحد في الشارع هتطلع قصة".

- ماذا عن فيلمك القادم؟

هو فيلم خيال علمي، اسمه كوتة، أعمل فيه كمخرج ومؤلف، أرغب في خوض تحديات جديدة، لأن ما يدفعني للعمل بصناعة الأفلام هو تطوير نفسي.

فيديو قد يعجبك: