إعلان

لبنى عبدالعزيز: كشفت فضائح إسرائيل في الإذاعة.. وهاجرت لأسباب سياسية (الحلقة الثالثة)

09:52 ص الخميس 28 مايو 2015

حوار مصراوي مع الفنانة لبنى عبد العزيز

حوار- منى الموجي وهدى الشيمي:
تصوير- نادر نبيل:

لم تكن تتوقع أن تبتعد عن البلد الذي تعشق ترابه لسنوات، فخططت أن تسافر مع زوجها لفترة قصيرة تطمئن فيها على أحواله، وتعود لتستكمل أعمالها الفنية، لكن مع إلحاح الزوج لتبقى سندا له، اختارت أن تطبق المثل القائل "وراء كل رجل عظيم إمرأة" وأن تدفع ضريبة استكمال زوجها لدراسته ثم نجاحه في عمله، هي "عروس النيل" التي فضلت البيت والأمومة على الشهرة والنجومية، لبنى عبدالعزيز.

وفي الحلقة الثالثة من حديثها مع مصراوي، تتحدث لبنى عن تكرّيم الرئيس جمال عبدالناصر لها، والدور الذي لعبته في حرب السويس، وأسباب هجرتها من مصر، وكيف عاشت الفتاة المدللة ابنة الطبقة الارستقراطية ظروف حياتية صعبة في الغربة، فإلى الحوار..

لماذا كرّمك الزعيم الراحل جمال عبدالناصر؟

لبنى عبدالعزيز

تكرّيمي كان لعدة أسباب من بينها عملي الفني، وعملي الإذاعي الذي لعبت من خلاله دور أثناء حرب السويس، ووقتها كنت "عيلة" تقريبا، وطلب مني الدكتور عبدالقادر حاتم، والذي كان وزير الثقافة آنذاك، إعداد برنامج إذاعي عن أمور تخص إسرائيل، بمثابة دعاية مضادة، فقلت له إنني لا استطيع الكتابة باللغة العربية، وأعمل في القسم الإنجليزي، فوافق على أن أعدها بالإنجليزية، ثم يتم ترجمتها للغات مختلفة وإذاعتها في "صوت العرب" وقدمت من خلال "هل تعلم" فضائح الإسرائيليين على مدار التاريخ، وعرض لما يُذاع عنهم من أخبار سيئة في الإذاعات الأخرى.

يتردد إنك هاجرتِ إلى أمريكا برفقة زوجك الدكتور إسماعيل برادة لأسباب سياسية.. فما صحة ذلك؟
كان هناك أسباب سياسية بالنسبة لإسماعيل زوجي، ففي أحد الأيام وجد أشخاص يأخذوه من أمام البيت ويضعونه في سيارة، وبعد فترة علمنا أن المخابرات العسكرية اعتقلته، رغم أن إسماعيل لم يكن له أي علاقة بالسياسة، ولم يكن مهتم سوى بعمله وبسماع الموسيقى، فقد كان رقيقا ومحترما، فتحدثت لوالدي الذي قام باتصالاته حتى عاد إسماعيل للمنزل.

ولمَ تم القبض عليه؟
عرفنا أن شخص قال لشخص آخر إن إسماعيل قال كلام سيء ضد الرئاسة والنظام الحاكم، وكان هذا الموقف بمثابة صدمة كبيرة له، وبعد فترة قرر السفر، وفكرة السفر لم تكن وليدة الموقف، بل كانت موجودة منذ سنوات طويلة في ذهنه، حيث كان يفكر في استكمال دراسته بالخارج، فسافرت معه "ارستئه" هناك، وبعدها أعود لمصر، والدليل أنني كنت ملتزمة بثلاثة أفلام، وقعت عقدهم مع شركة إنتاج قبل السفر، أحدهم فيلم "بنت العالمة" والذي تم تنفيذه فيما بعد باسم "خللي بالك من زوزو"، وفيلمين آخرين لإحسان عبد القدوس، اعتقد أنهما "الطريق المسدود"، و"الخيط الرفيع".

سافرتِ إلى أمريكا وعشتِ هناك سنوات طويلة.. فهل أثر ذلك على طبيعة تفكيرك أو أسلوب حياتك كفتاة شرقية؟

لبنى عبد العزيز
لا، لأن جدتي هي من ربتني، فأخذت عنها الكثير من الطباع، وأصبح تفكيري كما يقولون رجعي إلى حد ما، ولكن في نفس الوقت لدي مخ، وربيت أولادي في أمريكا بطريقة معينة، وعندما عدت من أمريكا استغرب أصدقائي ومن قابلوني، لإنني لا أدخن، ولا ارتدي نوع معين من الملابس، فهذا التفكير ليس تفكيري، ولا يمكن أن أتغير مهما عشت في أمريكا.

وما رأيك فيما يحدث حاليا من ربط التحرر الفكري بالتحرر الجسدي؟
خطأ طبعا.. فكوني محافظة، أو متدينة، أو متمسكة بتقاليد معينة، هذا لا يعني أنني لا أفكر باستقلال وحرية، وعندما كنت في الجامعة الأمريكية كان يتهمني أصدقائي بالرجعية، أتذكر في فترة سافر فيها أهلي إلى الاسكندرية، ولم استطع السفر معهم نظرا لالتزاماتي في الجامعة، ومع خلو المنزل وسفر العائلة، لم اسمح لأيا من أصدقائي بزيارتي في البيت، على الرغم من اعتيادهم لزيارتي لكن أثناء وجود أهلي، وهذه أشياء لم يطلبها مني أحد، ولكني أدركتها بمفردي.

لم تنوِ المكوث هناك.. فلماذا ابتعدتِ كل تلك السنوات عن مصر؟

لبنى عبد العزيز

طلب مني زوجي البقاء معه، فكرت في كلامه مع مراعاة إني شخص لا يستطيع التركيز في أكثر من عمل، فوجدت إني إما أن أكون أم وزوجة، أو أكون ممثلة، وإذا حاولت الجمع بين الاثنين سأكون إما أم غير فاضلة، أو ممثلة غير مخلصة لعملي، وكوني قبلت بالزواج منه، فقد اخترت البيت والأمومة، بالإضافة إلى أن فكرة النجومية لم تكن تعجبني، ولم أرغب في أن أصبح نجمة أبدا، فقط رغبت في التمثيل، ففكرت في كلامه يومين وبعدها قررت البقاء معه.

ألم تندمي على هذا القرار.. خاصة وإنك سافرتِ في أوج نجوميتك؟
لم أندم، ولا أحب كلمة الندم وتعلمت منذ الصغر ألا أضعها في قاموس حياتي، ولكن الحنين كان موجود، لأني أمثل منذ عامي الثالث، وقدمت في الجامعة الأمريكية أعمالا حققت شهرة ونجاحا أكثر من أعمال قدمها كبار الفنانين، كما أن الندم إحساس لن يفيدني في شيء سأشعر فقط بطعمه المر، لذلك لا اعترف به، ودائما انظر للأمام، فاللحظة التي أمر بها الآن أهم من أي شيء، لذلك يجب أن أبذل مجهودا كبيرا لكي أقدم أفضل ما لديّ.

سافرتِ إلى أمريكا في فترة النكسة.. فكيف عشتِ هذه الفترة خاصة وإنك عاشقة لمصر ولعبد الناصر؟

لبنى عبد العزيز

فترة 67 كانت صعبة، خاصة إننا وصلنا بعدها بفترة قصيرة جدا، ولم نكن على علاقة بمصريين أو عرب في بداية وصولنا، فمررنا بظروف قاسية جدا، وعشنا حالة من العزلة والحزن، خاصة لأني من عشاق جمال عبدالناصر، واعتبرت ما حدث ألم شخصي، فدموعي لم تكن تتوقف أبدا، "وسايلة طول الوقت"، لأن بلدي في محنة، وزوجي كان يدرس ولا يمكن أن اتركه، وبعد فترة تجاوزت هذه المرحلة، وانشغلت ببناتي، وتحولت إلى "خدامة" وخياطة، ومكوجية، وجناينية، ودادة.

عشت طوال حياتك فتاة مدللة.. كيف تحولتِ إلى "خدامة ومكوجية ودادة"؟
حياتنا في أمريكا كانت صعبة جدا، لم يكن هناك أي شيء سهل، إسماعيل زوجي كان عليه استكمال دراسته، وعلينا أن نعيش براتبه القليل، ومعظمه يذهب أجرة للشقة الصغيرة التي مكثنا بها، وعلينا أن نأكل بالباقي، وبالمناسبة لم أكن استطيع في البداية الطهو، وعشنا على المعلبات لفترة طويلة، وفي إحدى المرات أثناء تسوقي ذهبت إلى الجزار فوجدت سيدة تطلب منه طعام لكلبها، فأعطاها "كبد وكلاوي" في ورقة، فتذكرت حب إسماعيل لهذه الأكلة، وطلبت من الجزار نفس الطعام، سألني "هل لديك كلب؟"، اجابته بالإيجاب، فأعطاني كبد وكلاوي ضاني وبتلو، وطبختها في المنزل، وعندما عاد للمنزل فرح بهم جدا، وبعد فترة خرج معي للتسوق، وعندما ذهبنا لنفس الجزار، سألني عن كلبي، فأشرت إلى اسماعيل، فضحكا، وقص زوجي هذه الحكاية على الجميع.

وماذا كان رأي والدك وعائلتك في هذه المرحلة من حياتك؟
والدي كان يحب زوجي جدا، وزارني يوما فوجد شقتي صغيرة جدا بعد حياة رغدة عشتها في بيتنا قبل الزواج، ووجدني أنزل أربعة طوابق كي أغسل الملابس، لأن منزلي لم يكن به "غسالة"، ثم أصعدهم مجددا حاملة الملابس النظيفة لأعلى، وكان يقول لي دائما "استحملي يا بنتي، اسماعيل كويس وحنين"، ولكنه كان متألم جدا، لإني ابنته المدللة، وطول عمري "دلوعته"، ولكن عندما وجدني "أمسح الأرض، تعصب جدا ورفعني من على الأرض وقالي لي مش للدرجة دي".

لبنى عبد العزيز

ذكرتِ أنكِ كنتِ لا تعرفين كيف تطهين الطعام.. فكيف تعلمتِ؟
حدث تحدي كبير جدا، بعد سفري عشنا كما قلت على المعلبات علب مكرونة والتونة والسردين والسلمون، وفي إحدى المرات جاء شقيق إسماعيل كي يزورنا، لأنه كان يدرس في أمريكا أيضا، ففتحت له علب كثيرة، فاندهش وقال لي "انتي بتفتحي كل العلب دي؟ انتي مش بتتطبخي وبتصرفي كل ده؟"، فعلمني كيف أطهو أرز ونوع من الخضار، ومن شدة إحراجي وكسوفي، أرسلت رسالة لإحدى صديقاتي في القاهرة، وطلبت منها وصفات أكل مصري، ثم بدأت اشتري كتب وأخذ دورات في فنون الطهي، وأصبحت أطهو أشهر الوصفات.

ومتى عودتم إلى مصر؟
منذ سفري وفي أول لحظة وصلت فيها إلى هناك وأنا مشتاقة جدا لمصر، لأنني مصرية صميمة، وأحب مصر بكل ما فيها، السياسة، التقاليد، "الملوخية"، وعلى الرغم من سفري ودراستي خارجها، ومع إن كل تفكيري بالثقافة الغربية، ولكن تكويني مصري، كل يوم كنت اسأل إسماعيل متى سنعود؟، وأتذكر إنه في يوم رجع من عمله فوجدني حزمت كل أمتعتي، وجهزت كل شيء، وطلبت منه تذكرة عودة، فتفهم الموقف واقنعني بالبقاء معه، وأفرغ كل الحقائب، فإسماعيل كان طيب وحنين، وتحمل عصبيتي، و"شعننتي"، وقبل وفاته عدنا، لأن والدته فقدت ولد وبنت، ومرت بموقف صعب جدا، وترجته أن يعود.

انتظروا الحلقة الرابعة والأخيرة من حديث الذكريات مع "عروس النيل" لبنى عبد العزيز، حيث ستتحدث لمصراوي عن رأيها في الأعمال السينمائية التي تُقدم حاليا، وأعمالها الفنية المُقبلة.


اقرأ ايضا:

لبنى عبدالعزيز: أنا نجمة رغم أنفي.. وحليم ظلم فريد- الحلقة الاولى

لبنى عبدالعزيز: أنا حرة.. ولم أشعر بالإباحية في أعمال إحسان عبدالقدوس (الحلقة الثانية)

فيديو قد يعجبك: